وقد ضعف. واعترف المضعفون لرفعه كالدار قطني والبيهقي وابن عدي بأن الصحيح أنه مرسل لأن الحفّاظ كالسفيانين وأبي الأحوص وشعبة وإسرائيل وشريك وجرير وأبي الزبير وعبد بن حميد وخلق آخرين رووه عن موسى بن أبي عائشة عن عبد الله بن شداد عن النبي صلىاللهعليهوسلم فأرسلوه ، وقد أرسله مرة أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه ، وحينئذ لنا أن نقول المرسل حجة عند أكثر أهل العلم فيكفينا فيما يرجع إلى العمل على رأينا وعلى طريق الإلزام أيضا بإقامة الدليل على حجية المرسل أيضا ، وعلى تقدير التنزل عن حجيته فقد رفعه الإمام بسند صحيح.
وروى محمد بن الحسن في موطئه قال : أنبأنا أبو حنيفة أبو الحسن موسى بن أبي عائشة عن عبد الله بن شداد عن جابر بن عبد الله عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «من صلى خلف إمام فإن قراءة الإمام له قراءة» وقولهم : إن الحفاظ الذين عدوهم لم يرفعوه غير صحيح. فقد قال أحمد بن منيع في مسنده : أخبرنا إسحاق الأزرق حدثنا سفيان. وشريك عن موسى بن أبي عائشة عن عبد الله بن شداد عن جابر عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم «من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة». ثم قال وحدثنا جرير عن موسى عن عبد الله عن النبي صلىاللهعليهوسلم ـ فذكره ولم يذكر جابرا ـ ورواه عبد بن حميد قال : حدثنا أبو نعيم حدثنا الحسن بن صالح عن أبي الزبير عن جابر عن النبيصلىاللهعليهوسلم فذكره ، وإسناد حديث جابر الأول على شرط الشيخين والثاني على شرط مسلم ، فهؤلاء سفيان وشريك وجرير وأبو الزبير رفعوه بالطرق الصحيحة فبطل عدهم فيمن لم يرفعه ، ولو تفرد الثقة وجب قبوله لأن الرفع زيادة وزيادة الثقة مقبولة فكيف ولم ينفرد ، والثقة قد يسند الحديث تارة ويرسله أخرى. وأخرجه ابن عدي عن الإمام رضي الله تعالى عنه في ترجمته وذكر فيها قصة وبها أخرجه أبو عبد الله الحاكم قال : حدثنا أبو محمد بن بكر بن محمد بن حمدان الصيرفي حدثنا عبد الصمد بن الفضل البلخي حدثنا مكي بن إبراهيم عن أبي حنيفة عن موسى بن أبي عائشة عن عبد الله بن شداد بن الهاد عن جابر بن عبد الله «إن النبي صلىاللهعليهوسلم صلى ورجل خلفه يقرأ فجعل رجل من أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم ينهاه عن القراءة في الصلاة فلما انصرف أقبل عليه الرجل قال : أتنهاني عن القراءة خلف رسول الله صلىاللهعليهوسلم فتنازعا حتى ذكرا ذلك للنبي صلىاللهعليهوسلم صلىاللهعليهوسلم فقال صلىاللهعليهوسلم : «من صلى خلف إمام فإن قراءة الإمام له قراءة». وفي رواية لأبي حنيفة «إن ذلك كان في الظهر أو العصر» وهي أن رجلا قرأ خلف رسول الله صلىاللهعليهوسلم في الظهر أو العصر فأومأ إليه فنهاه فلما انصرف قال : أتنهاني الحديث. نعم إن جابرا روى منه محل الحكم فقط تارة والمجموع تارة ويتضمن رد القراءة خلف الإمام لأنه خرج تأييدا لنهي ذلك الصحابي عنها مطلقا في السرية والجهرية خصوصا في رواية أبي حنيفة أن القصة كانت في السرية لا إباحة فعلها وتركها فيعارض ما روي في بعض روايات حديث «ما لي أنازع في القرآن» أنه قال : إنه لا بد (١) ففي الفاتحة ، وكذا ما رواه أبو داود والترمذي عن عبادة بن الصامت قال : كنا خلف رسول الله صلىاللهعليهوسلم في صلاة الفجر فقرأ رسول الله صلىاللهعليهوسلم فثقلت عليه القراءة ، فلما فرغ قال : لعلكم تقرءون خلف إمامكم ، قلنا : نعم هذا ، قال : لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب فإنه لا صلاة لمن لا يقرأ بها ؛ ويقدم لتقدم المنع على الإطلاق عند التعارض ولقوة السند فإن حديث المنع أصح فبطل رد المتعصبين ، وتضعيف بعضهم لمثل الإمام الأعظم رضي الله تعالى عنه مع تضييقه في الرواية إلى الغاية حتى إنه شرط التذكر لجوازها بعد علم الراوي أن ذلك المروي خطه ، ولم يشترط الحفاظ هذا ولم يوافقه صاحباه على أن الخبر قد عضد بروايات كثيرة عن جابر غير هذه وإن ضعفت وبمذاهب الصحابة أيضا كابن عباس وابن عمر وزيد بن ثابت وابن مسعود.
__________________
(١) قوله إنه لا بد إلخ كذا بخطه وحرر ا ه