والوجه في ذلك اعتقادهم بعدالة الصحابة!! وهو منقوض من كل وجه ، لأن عدالتهم لم تثبت بنص القرآن الكريم الذي صرح بأن من أهل المدينة من مرد على النفاق (١) ، وكذلك السنة الثابتة ، كحديث «أصيحابي» المروي في الصحاح (٢) ، فضلا عن اعوجاج سيرة الكثير من الصحابة ، وشهادة تاريخ بعضهم على كفرهم ونفاقهم ، وتستر لمة منهم باسم الإسلام ، زيادة على أن الصحبة ليست إكسيرا معدلا لمجاهيل الصحابة ، ولا محولا المنافقين منهم إلى مؤمنين ، ولا الظالمين إلى عدول.
ثم كيف صاروا عدولا وقد سفك بعضهم دماء بعض بغيا وظلما وعدوانا؟!
ومن هنا تنبه القرافي المالكي ـ وهو من المعتقدين بعدالة الصحابة ـ إلى خطورة تعميم شرف الصحبة ، فقال : «الإرسال هو إسقاط صحابي من السند ، والصحابة كلهم عدول ، فلا فرق بين ذكره والسكوت عنه ، فكيف جرى الخلاف فيه؟!».
قال القاسمي : «وأجاب هو كما في نسخة من التنقيح : بأنهم عدول إلا عند قيام المعارض ، وقد يكون المسكوت عنه منهم عرض في حقه ما يوجب القدح فيتوقف في قبول الحديث حتى نعلم سلامته من القادح» (٣).
ويظهر من الحافظ البيهقي في سننه أنه لم يسلم بعدم الفرق بين ذكر الصحابي والسكوت عنه في الإسناد ـ كما هو لازم الاعتقاد بعدالة الصحابة ـ
__________________
(١) سورة التوبة ٩ : ١٠١.
(٢) صحيح البخاري ٦ / ٦٩ باب (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك) من كتاب التفسير في تفسير الآية : ١١٧ من سورة المائدة.
(٣) قواعد التحديث : ١٤١.