بالأرجل ، ولا بالوضوء ، فقد يكون مكروها (١) ، وقد يكون حراما كما إذا أدى إلى ضرر (٢) ، أو ضياع مال (٣). بل قد يكون الإسباغ (٤) المستحب ، بل الوضوء الواجب حراما ، كما إذا احتيج إلى الماء لحفظ نفس محترم (٥).
وهذه أمور مقررة بين أهل الإسلام ، مؤيدة بحكم العقل (٦) ، كما أشار إليها ابن همام الحنفي (٧) في شرح الهداية ، قبيل فصل نواقض
__________________
(وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين) وفي سورة الأنعام : (وآتوا حقه يوم حصاده ولا تسرفوا) وفي سورة الإسراء : (فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا).
(١) مثل الاسراف في الأكل والشرب على مائدة الافطار في ليالي شهر رمضان!
(٢) مثل الاسراف في العقوبة ، قال تعالى في سورة البقرة ، (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) فالزيادة على المثل اعتداء محرم بقوله تعالى في سورة البقرة أيضا : (ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين).
(٣) كالإسراف في أموال القاصرين من قبل القيم عليهم ، بحيث يتجاوز الحد المشروع.
(٤) المراد بالإسباغ هو إتمام الوضوء وإكماله ، قال ابن حجر في إرشاد الساري ١ / ٢٣١ : وقال في المصابيح : والمعروف في اللغة ، إن إسباغ الوضوء إتمامه ، وإكماله ، والمبالغة فيه. وعرفه الشافعية بأنه : كمال إتمام الوضوء وتوفيته.
أنظر : الموسوعة الفقهية الكويتية ٣ / ١٤٢ مادة إسباغ.
وفي صحيح البخاري ١ / ٤٧ ، باب إسباغ الوضوء : قال ابن عمر : إسباغ الوضوء الانقاء ، وهو من تفسير الشئ بلازمه ، إذ الاتمام يستلزم الانقاء عادة ، كما في إرشاد الساري ١ / ٢٣.
وقد عرفه المصنف (عدس سره) في ص ٤٠٥ من هذه الرسالة بأنه : مبالغة في الغسل وتكريره.
(٥) كما لو دار الأمر في نفاد الماء الموجود في الصحراء مثلا ، بين الشرب ـ مع الضمأ الشديد ـ وبين الوضوء به لأجل الصلاة ، ففي هذا الفرض يحرم الوضوء بلا خلاف.
(٦) لأن احتمال الضرر في شئ ما يلزم العاقل تجنبه ، إذا ما استحق صاحبه اللائمة لو أقدم عليه ، أخذا بقاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل ، والوضوء إذا ما احتمل الضرر فيه ، يدفع بالتيمم.
(٧) هو كمال الدين محمد بن عبد الواحد بن عبد الحميد بن مسعود السيواسي الإسكندري ، المعروف بابن همام ، حنفي المذهب ، ولد سنة ٧٩٠ ه ، له : فتح القدير في شرح الهداية في الفقه ، والتحرير في الأصول وغيرهما ، مات بالقاهرة سنة ٨٦١ ه.
الضوء اللامع ٨ / ١٢٧ رقم ٣٠١ من المجلد الرابع ،
بغية الوعاة١ / ١٦٦ ـ ١٦٩ رقم