انتسابه ليس إلا من جهة أمه وأورد عليه أنه ليس له أب يصرف إضافته إلى الأم إلى نفسه فلا يظهر قياس غيره عليه في كونه ذرية لجده من الأم.
وتعقب بأن مقتضى كونه بلا أب أن يذكر في حيز الذرية وفيه منع ظاهر والمسألة خلافية ، والذاهبون إلى دخول ابن البنت في الذرية يستدلون بهذه الآية وبها احتج موسى الكاظم رضي الله تعالى عنه على ما رواه البعض عن الرشيد. وفي التفسير الكبير أن أبا جعفر رضي الله تعالى عنه استدل بها عند الحجاج بن يوسف وبآية المباهلة حيث دعا صلىاللهعليهوسلم الحسن والحسين رضي الله تعالى عنهما بعد ما نزل (تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ) [آل عمران : ٦١].
وادعى بعضهم أن هذا من خصائصه صلىاللهعليهوسلم وقد اختلف إفتاء أصحابنا في هذه المسألة ، والذي أميل إليه القول بالدخول (وَإِلْياسَ) قال ابن إسحاق في المبتدأ : هو ابن يس بن فنحاص بن العيزار بن هارون أخي موسى بن عمران عليهمالسلام. وحكى القتبي أنه من سبط يوشع ، وقيل : من ولد إسماعيل عليهالسلام. وعن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه أنه إدريس وهو ـ على ما قال ابن إسحاق ـ ابن يرد بن مهلائيل بن أنوش بن قينان بن شيث بن آدم وهو جد نوح كما أشرنا إليه وروي ذلك عن وهب بن منبه ، وفي المستدرك عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه كان بين نوح وإدريس ألف سنة وعلى القول بأنه قبل نوح يكون البيان مختصا بمن في الآية الأولى ، ونص الشهاب أن قوله تعالى : (وَزَكَرِيَّا) وما بعده حينئذ معطوفا على مجموع الكلام السابق (كُلٌ) أي كل واحد من أولئك المذكورين (مِنَ الصَّالِحِينَ) أي الكاملين في الصلاح الذي هو عبارة عن الإتيان بما ينبغي والتحرز عما لا ينبغي وهو مقول بالتشكيك فيوصف بما هو من أعلى مراتب الأنبياء عليهمالسلام والجملة اعتراض جيء بها للثناء عليهم بمضمونها (وَإِسْماعِيلَ) هو ـ كما قال النووي ـ أكبر ولد إبراهيم عليهالسلام ويقال ـ كما نقل عن الجواليقي ـ بالنون آخره قيل ومعناه : مطيع الله (وَالْيَسَعَ) قال ابن جرير : هو ابن أخطوب بن العجوز. وقرأ حمزة. والكسائي «الليسع» بوزن ضيغم وهو أعجمي دخلت عليه اللام على خلاف القياس وقارنت النقل فجعلت علامة التعريب كما قاله التبريزي ونص على أن استعماله بدونها خطأ يغفل عنه الناس فليس كاليزيد في قوله :
رأيت الوليد بن اليزيد مباركا |
|
شديدا بأعباء الخلافة كاهله |
ومن جميع الوجوه ، وهو على القراءة الأولى أعجمي أيضا ، وقيل : إنه معرب يوشع وقيل : عربي منقول من يسع مضارع وسع (وَيُونُسَ) وهو ابن متى بفتح الميم وتشديد التاء الفوقية مقصور كحتى ويقال متى بالفك وهو اسم أبيه كما قاله ابن حجر وغيره من الحفاظ ، وقع في تفسير عبد الرزاق أنه اسم أمه وهو مردود ولم نقف كغيرنا على اتصال نسبه عليهالسلام ، وقد مر ما في جامع الأصول. وقيل : إنه كان في زمن ملوك الطوائف من الفرس وهو مثلث النون ويهمز.
وقرأ أبو طلحة «يونس» بكسر النون قيل : أراد أن يجعله عربيا من أنس وهو شاذ (وَلُوطاً) قال ابن إسحاق : هو ابن هاران بن آزر ، وفي المستدرك عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه ابن أخي إبراهيم ولم يصرح باسم أبيه (وَكلًّا) أي كل واحد من هؤلاء المذكورين لا بعضهم دون بعض (فَضَّلْنا) بالنبوة (عَلَى الْعالَمِينَ) أي عالمي عصرهم ، والجملة اعتراض كأختيها ، وفيها دليل على أن الأنبياء أفضل من الملائكة (وَمِنْ آبائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ (١) وَإِخْوانِهِمْ) يحتمل ـ كما قيل ـ أن يتعلق بما تعلق به من ذريته ومن ابتدائية والمفعول محذوف أي
__________________
(١) في اصل المصنف بدل وذرياتهم وأبنائهم وهو سبق قلم وجرينا على ما في المصحف العثماني تنبه.