فإذا نصب من كان ظالما في نفسه فقد جاء المثل السائر من استرعي الذئب ظلم انتهى (١).
وهذا وإن احتمل ما فهمه القاضي من العصمة قبل العهد أيضا لكن الظاهر أن يكون مراده انتفاء العهد عن الظالم ما دام على حكم الظلم من الفسق ، أما إذا تاب وأصلح وصار عدلا فلا ، وفيه ما لا يخفى ، بعد ما قدّمنا.
ثمّ على هذا التقدير إذا حمل العهد على عمومه فلا يبعد أن يفهم أنّ الفاسق لا يصلح أيضا للقضاء ، ولا للفتوى ولا لتولّي غير ذلك من مصالح المسلمين ، حتّى لولايته على أطفاله والمجانين من أولاده.
آيات الصلاة
الأولى : النساء (إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً).
أي فرضا محدودا بأوقات معيّنة لا يجوز الإخلال بها ، أو بحدود معيّنة كذلك كما يقال وقت موقوت ، وفي تخصيص المؤمنين فيه تحريص وترغيب لهم في حفظها وحفظ أوقاتها ، حالتي الأمن والخوف ، ومراعاة جميع حدودها في حال الأمن وإيماء بأنّ ذلك من مقتضى الايمان وشعار أهله ولا يجوز أن يفوتهم ، وبأنّ المتساهل فيها في إيمانه نظر ، وإشعار بأنّهم هم المنتفعون لعدم صحّتها من غيرهم ، أو لعدم إتيان غيرهم بها ، فلا يدلّ على عدم وجوبها على غير المؤمنين ، فإنّ المفهوم على تقدير اعتباره إنّما يعتبر إذا لم يكن للوصف فائدة أخرى ، على أنه لا نزاع في وجوبها على المنافقين وهو ينافي اعتبار المفهوم هنا.
وفيه أيضا تنبيه للمنافقين بما فيه من الإيماء بقصور إيمان من يتساهل فيها على كشف حالهم ، ووضوح أمرهم عند الله ، وأنه لا يبعد مع إصرارهم أن يظهر ذلك للمؤمنين ، فينبغي لهم حيث يحامون عن ذلك ان يؤمنوا على التحقيق كما يظهرون
__________________
(١) انظر الكشاف ج ١ ص ١٨٤.