وفي الكشاف (١) : ظاهره وجوب الاستماع والإنصات وقت قراءة القرآن في صلاة وغير صلاة ، وقيل : كانوا يتكلّمون في الصلاة فنزلت ، ثمّ صار سنّة في غير الصلاة أن ينصت القوم إذا كانوا في مجلس يقرأ فيه القرآن ، وقيل : معناه وإذا تلا عليكم الرسول القرآن عند نزوله فاستمعوا له ، وفي الجوامع ما هو قريب من ذلك.
وفي المعالم عن سعيد بن جبير : هذا في الإنصات يوم الأضحى والفطر ويوم الجمعة ، وفيما يجهر به الامام ، وعن عمر بن عبد العزيز : الإنصات لقول كل واعظ قال : والأول وهو أنّها في القراءة في الصلاة أولى ، لأنّ الآية مكية ، والجمع وجبت بالمدينة ، وهو واضح.
وأما قول الجبائيّ فيستلزم النسخ أو تقديرا كثيرا من غير موجب ، وأبعد منه ما قيل من إلحاق المعصومين عليهمالسلام في ذلك بالنبيّ صلىاللهعليهوآله وما روي عن الزّجاج فإنّما يحتمله فاستمعوا له كما في الكشاف ، وقيل : معنى فاستمعوا فاعملوا بما فيه ولا تجاوزوه ، وينبه عليه أيضا ما ذكر في توجيهه ، فاما أن يكون معنى الجميع ذلك فلا ، بل حيث قارنه قوله و (أَنْصِتُوا) أبعده عن هذا كما لا يخفى.
وأما ما روي عن أبي عبد الله عليهالسلام فهو ظاهر عبارة القرآن ، وربما يحمل على ما إذا قصد به إسماع السامع كما وقع لأمير المؤمنين عليهالسلام وربما أشعر به قول أبى عبد الله عليهالسلام حيث لم يكتف في الحكم بالوجوب على مجرّد السماع ، بل قال نعم إذا قرئ عندك القرآن وجب عليك الإنصات والاستماع.
ومما يؤيد هذا الحمل أنه لو وجب مطلقا لزم عدم جواز قراءة اثنين أو جماعة على وجه يسمع كلّ قراءة الآخر ، وعدم جواز الأذان بعد دخول الوقت عند من يقرأ ، وكذا صلاة النافلة والدعاء ونحو ذلك ، بل الاجتماع في القراءة في الفريضة.
__________________
(١) الكشاف ج ٢ ص ١٩٢.