وأيضا لما أسر العبّاس يوم بدر ، لم يجدوا له قميصا على طوله وكان طويلا فكساه عبد الله هذا قميصه ، أو إجابة إلى مسئلته إيّاه ، فقد روى ذلك ، وكان عليهالسلام لا يردّ سائلا ، وكان يتوفّر على دواعي المروة ويعمل بعادات الكرام ، أو إكراما لابنه : فقد روي أنّه قال : أسئلك أن تكفّنه في بعض قمصانك ، وأن تقوم على قبره لا يشمت به الأعداء.
وروى محمّد بن يعقوب في الحسن (١) عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : لما مات عبد الله أبيّ بن سلول حضر النبيّ صلىاللهعليهوآله جنازته فقال عمر لرسول الله : يا رسول الله ألم ينهك الله أن تقوم على قبره؟ فسكت ، فقال : يا رسول الله ألم ينهك الله أن تقوم على قبره؟ فقال له : ويلك ما يدريك ما قلت؟ إنّى قلت اللهمّ احش جوفه نارا واملأ قبره نارا وأصله نارا ، قال أبو عبد الله : فأبدا من رسول الله صلىاللهعليهوآله ما كان يكره.
فالظاهر أنّ المراد في الآية الوقوف للدعاء له ، والاستغفار ، ونحو ذلك ، وكأنه كذا يعتبر في الصلاة على أحدهم ، فإنّ الظاهر منها أيضا ما يكون فيه دعاء للميّت كما صرّح به القاضي ، فلا منافاة بين فعله صلىاللهعليهوآله ومفاد الآية أصلا ، وجاز أيضا أن يكون ذلك بعد الصلاة ونزول الآية ، فلا ينافي قول ابن عبّاس ، وعلى القول الآخر فليس في الرواية أنّه صلّى ، هذا.
فقد ظهر دلالة الآية على عدم جواز الصلاة في وقت من الأوقات على أحد من الكفار مات على كفره ، وكذا الوقوف على قبورهم للدعاء لهم ، وأنّ العلّة كفرهم وموتهم عليه ، بناء على أنّ المراد من الفسق هنا الكفر كما قيل ، وإشعارها بأنّ ذلك
__________________
(١) انظر الوسائل ج ٢ ص ٧٧٠ المسلسل ٣٠٤٢ وهي في المنتقى لصاحب المعالم ج ١ ص ٢٢٢ ووصفه المصنف بالحسن لكون إبراهيم بن هاشم في طريقه وقد أوضحنا في تعاليقنا على مسالك الافهام ج ١ ص ١٢٩ ان الحديث من طريقه صحيح فراجع وترى مضمون الحديث مرويا في البرهان ج ٢ ص ١٤٨ وص ١٤٩ ونور الثقلين ج ٢ ص ٢٤٨ الى ص ٥٢١ عن كتب اخرى كالعياشى وتفسير على بن إبراهيم وعوالي اللئالى فراجع.