وقال بعض مشايخنا اديمت أيّامهم : يمكن اختيار الوجوب في كلّ مجلس مرّة إن صلّى آخرا وإن صلّى ثمّ ذكر يجب أيضا كما في تعدّد الكفّارة بتعدّد الموجب إذا تخلّلت ، وإلّا فلا ، والظاهر أنّه نظر إلى الروايات فان اعتبر ظاهرها فهو عند كلّ ذكر ، مع أنّه لا يعلم بما قال قائل سواه ، وإلّا فالاستحباب أولى ، نعم هو أظهر فيها من الحمل على كلّ مجلس مطلقا ، وكأنّه لا يريد أزيد من هذا.
ولا يبعد أن يقال محلّ وجوبها الصلاة قال في المعتبر (١) : أما الصلاة على النّبي صلىاللهعليهوآله فإنّها واجبة في التشهّدين ، وبه قال علماؤنا أجمع ، وقال الشيخ هو ركن ، وبه قال أحمد ، وقال الشافعيّ : مستحبة في الأوّل وركن من الصّلاة في الأخير ، وأنكر أبو حنيفة ذلك واستحبّهما في الموضعين ، وبه قال مالك ، لأنّ النّبيّ صلىاللهعليهوآله لم يعلّمه الأعرابيّ (٢) ، ولأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله قال لعبد الله بن مسعود (٣) عقب ذكر الشّهادتين «فاذا قلت ذلك فقد تمّت صلاتك أو قضيت صلاتك».
لنا ما رووه عن عائشة (٤) قالت : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : لا يقبل صلاة إلّا بطهور ، وبالصلاة علىّ ، ورووه عن أنس (٥) عن النبيّ صلىاللهعليهوآله قال إذا صلّى أحدكم
__________________
(١) انظر المعتبر ط إيران ١٣١٨ ص ١٨٨.
(٢) ولابن القيم الجوزية في جواب هذا الاشكال بيان نقلناه ص ٢٠٦ ج ١ مسالك الافهام فراجع.
(٣) قال ابن القيم الجوزيه في جلاء الافهام ص ٢٣١ ان هذه الزيادة ليست من كلام النبي (ص) بين ذلك الحفاظ ثم بسط الكلام في ذلك من شاء فليراجع.
(٤) انظر نيل الأوطار ج ٢ ص ٢٩٦ نقلا عن البيهقي والدارقطني.
(٥) قد بينا في كنز العرفان ج ١ ص ١٣٢ ان الحديث انما هو عن فضالة بن عبيد في كتب أهل السنة انظر نيل الأوطار ج ٢ ص ٢٩٩ وكذا في المنتهى للعلامة نقل هذا الحديث عنهم عن فضالة بن عبيد انظر المنتهى ج ١ ص ٢٩٣ فلعل لفظ أنس في المعتبر وكنز العرفان وهذا الكتاب من سهو الناسخين إذ لم أعثر في كتبهم الأخر أيضا على هذا الحديث عن انس.