أهل التفسير : كان في صدر الإسلام ثمّ نسخ بالصلوات الخمس ، وذلك قوله تعالى : (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً)(١) فليتأمّل.
وفي الكنز (٢) إشارة إلى قوله (فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ) وقوله (فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ) : دلّتا على وجوب قراءة شيء من القرآن ، فيصدق دليل هكذا : قراءة شيء من القرآن واجب. ولا شيء من القرآن في غير الصلاة بواجب.
فيكون الوجوب في الصلاة وهو المطلوب.
أما الصغرى فلصيغة الأمر الدالّة على الوجوب ، وأما الكبرى فإجماعيّة ، ثمّ قال : وما ذكرناه قول أكثر المفسّرين ، وقد قيل إنّ المراد بالقراءة الصلاة تسمية للشيء ببعض أجزائه ، وعنى به صلاة اللّيل : ثمّ نسخ بالصلوات الخمس ، وقيل : الأمر في غير الصلاة فقيل على الوجوب نظرا في المعجزة ووقوفا على دلائل التوحيد ، وإرسال الرسل ، وقيل : على الاستحباب ، فقيل أقله في اليوم واللّيلة خمسون آية ، وقيل مائة ، وقيل : ثلث القرآن انتهى.
وقوله «ما ذكرناه قول أكثر المفسرين» فيه نظر ، إذ ليس في أكثر التفاسير المعتبرة فكيف يجوز ذلك نعم في المعالم (٣) : فاقرؤا ما تيسّر من القرآن يعني في الصلاة قال الحسن : يعني في صلاة المغرب والعشاء ، قال قيس بن أبى حازم : صلّيت خلف ابن عباس بالبصرة فقرأ في أوّل ركعة بالحمد وأوّل آية من البقرة ثمّ قام في الثانية فقرأ بالحمد والآية الثانية من البقرة ثمّ ركع ، فلما انصرف أقبل علينا فقال : إنّ الله عزوجل
__________________
(١) قد استشكل بأن سورة المزمل من أوائل ما نزلت بمكة ولم تفرض الصلوات الخمس الا بعد الاسراء والزكاة إنما فرضت بالمدينة وأجيب بأن الذاهب الى ذلك يجعل هذه الآيات مدنية وقيل ان الزكاة فرضت بمكة من غير تعيين الأنصباء والذي فرض بالمدينة الأنصباء فلا مانع عن كون الآيات مكية لكن يلتزم بكونها بعد الاسراء.
(٢) كنز العرفان ج ١ ص ١١٨.
(٣) ليس عندي كتاب المعالم الا ان ما نقله مذكور في اللباب تفسير الخازن ج ٤ ص ٣٢٥ فراجع.