ولا يبعد أن يكون بالنسبة إلى غيره عليهالسلام مظنّة للحرام فيجوز أن يحرم عليهم لهذا وعليه تنزيها لمرتبة الرسالة ، وتكميلا لأمر التبليغ ، ويجوز عموم تكفّل الرزق وتخصيص وجوب ترك التوجّه به عليهالسلام لما تقدّم فافهم.
المؤمنون (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ.)
«قد» حرف تأكيد يثبت المتوقّع كما ينفيه «لمّا» وتفيد الثبات في الماضي والفلاح الظفر بالمراد ، وقيل البقاء في الخير ، وأفلح دخل في الفلاح كأبشر ، ويقال أفلحه أصاره إلى الفلاح ، وعليه قراءة أفلح على البناء للمفعول (١) وقرئ «أفلحوا» على أكلونى البراغيث ، أو على الإيهام والتفسير «وأفلح» اجتزاء بالضمّة عن الواو وقرأ ورش عن نافع (٢) بإلقاء فتح الهمزة على الدال وحذفها.
والايمان في اللّغة التصديق وشرعا تصديق الرسول صلىاللهعليهوآله فيما علم مجيئه به ضرورة تفصيلا فيما علم تفصيلا وإجمالا فيما علم إجمالا كما قاله الأشعرية وبعض الإماميّة فهو تصديق خاصّ أو هو مع الإقرار به كما قال بعض الإماميّة ونادر من الأشعرية ويروى عن أبي حنيفة. أو هما مع العمل بمقتضاه ، وهو مذهب جمهور المحدّثين والمعتزلة والخوارج وعند قوم من الآخرين أنّه أعمال الجوارح ، فقيل الطاعات بأسرها فرضا ونفلا ، وقيل المفترضة من الأفعال والتروك دون النوافل وعند الكرّاميّة أنّه الإقرار بالشهادتين.
وممّا يدل على أنّه التصديق وحده إضافة الايمان إلى القلب الدالّة على محلّيّة القلب له في آيات مثل (أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ) (وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ) (وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ) (وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ) ويقربها الآيات الدالّة على الختم والطبع على القلوب ، وكونها في أكنّه في مقام امتناع الايمان منهم ، وعطف
__________________
(١) انظر الالوسى ج ١٨ ص ٣ والكشاف ج ٣ ص ١٧٤ وفتح القدير ج ٣ ص ٤٥٨ ونقل الالوسى عن ابن خالويه إثبات الواو في الرسم أيضا قال وحملت الكتابة على ذلك فهي محذوفة فيها أيضا نظير يمحو الله قلت وليس هذا الرسم في كتابه شواذ القراءات ص ٩٧ منه المتعلق بسورة المؤمنون ولم ينقل الرسم في نثر المرجان ج ٤ ص ٥١٩ أيضا.
(٢) نقله الالوسى ج ١٨ ص ٢.