علي ، والحسن ، والحسين ، وفاطمة فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : إن أنا دعوت فآمنوا أنتم فأبوا أن يلاعنوه وصالحوه على الجزية».
وعن الشعبي فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه : «لقد أتاني البشير بهلكة أهل نجران حتى الطير على الشجر لو تموا على الملاعنة» وعن جابر «والذي بعثني بالحق لو فعلا لأمطر الوادي عليهما نارا». وروي أن أسقف نجران «لما رأى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم مقبلا ومعه علي ، وفاطمة ، والحسنان رضي الله عنهم قال : يا معشر النصارى : إني لأرى وجوها لو سألوا الله تعالى أن يزيل جبلا من مكانه لأزاله فلا تباهلوا وتهلكوا».
هذا وإنما ضم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إلى النفس الأبناء والنساء مع أن القصد من المباهلة تبين الصادق من الكاذب وهو يختص به وبمن يباهله لأن ذلك أتم في الدلالة على ثقته بحاله واستيقانه بصدقه ، وأكمل نكاية بالعدو وأوفر إضرارا به لو تمت المباهلة ، وفي هذه القصة أوضح دليل على نبوته صلى الله تعالى عليه وسلم وإلا لما امتنعوا عن مباهلته ، ودلالتها على فضل آل الله ورسوله صلى الله تعالى عليه وسلم مما لا يمتري فيها مؤمن ، والنصب جازم الإيمان ، واستدل بها الشيعة على أولوية علي كرم الله تعالى وجهه بالخلافة بعد رسول الله صلىاللهعليهوسلم بنار على رواية مجيء علي كرم الله تعالى وجهه مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ، ووجه أن المراد حينئذ بأبنائنا الحسن. والحسين ، وبنسائنا فاطمة ، وبأنفسنا الأمير ، وإذا صار نفس الرسول ـ وظاهر أن المعنى الحقيقي مستحيل ـ تعين أن يكون المراد المساواة ، ومن كان مساويا للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم؟! فهو أفضل وأولى بالتصرف من غيره ، ولا معنى للخليفة إلا ذلك ، وأجيب عن ذلك أما أولا فبأنا لا نسلم أن المراد بأنفسنا الأمير بل المراد نفسه الشريفة صلى الله تعالى عليه وسلم ، ويجعل الأمير داخلا في الأبناء ، وفي العرف يعد الختن ابنا من غير ريبة ، ويلتزم عموم المجاز إن قلنا : إن إطلاق الابن على ابن البنت حقيقة ، وإن قلنا : إنه مجاز لم يحتج إلى القول بعمومه وكان إطلاقه على الأمير وابنيه رضي الله تعالى عنهم على حد سواء في المجازية.
وقول الطبرسي ، وغيره من علمائهم ـ إن إرادة نفسه الشريفة صلى الله تعالى عليه وسلم من أنفسنا لا تجوز لوجود (نَدْعُ) والشخص لا يدعو نفسه ـ هذيان من القول ، إذ قد شاع وذاع في القديم والحديث ـ دعته ـ نفسه إلى كذا ، ودعوت نفسي إلى كذا ، وطوعت له نفسه ، وآمرت نفسي ، وشاورتها إلى غير ذلك من الاستعمالات الصحيحة الواقعة في كلام البلغاء فيكون حاصل (نَدْعُ أَنْفُسَنا) نحضر أنفسنا وأي محذور في ذلك على أنا لو قررنا الأمير من قبل النبي صلى الله تعالى عليه وسلم إياهم وأبناءهم ونساءهم بعد قوله : (تَعالَوْا) كما لا يخفى.
وأما ثانيا فبأنّا لو سلمنا أن المراد بأنفسنا الأمير لكن لا نسلم أن المراد من النفس ذات الشخص إذ قد جاء لفظ النفس بمعنى القريب والشريك في الدين والملة. ومن ذلك قوله تعالى ؛ «يخرجون أنفسهم من ديارهم» (١)(وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ) [الحجرات : ١١](لَوْ (٢) لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً) [النور : ١٢] فلعله لما كان للأمير اتصال بالنبي صلى الله تعالى عليه وسلم في النسب والمصاهرة واتحاد في الدين عبر عنه بالنفس ، وحينئذ لا تلزم المساواة التي هي عماد استدلالهم على أنه لو كان المراد مساواته في جميع الصفات يلزم الاشتراك في النبوة والخاتمية والبعثة إلى كافة الخلق ونحو ذلك ـ وهو باطل بالإجماع ـ لأن التابع دون المتبوع ولو كان المراد المساواة في البعض لم يحصل الغرض لأن المساواة في بعض صفات الأفضل والأولى بالتصرف لا تجعل من هي له أفضل
__________________
(١) لا يوجد آية بهذا النص ، والذي في الآية ٨٥ من سورة البقرة : (وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِنْكُمْ مِنْ دِيارِهِمْ).