الباب الرابع عشر
في الجوابات المسكتة
فصل
فيما صدر منها عن الصدر الأول والسلف الأفضل
قال بعض اليهود (١) لعلي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ :
ما بالكم لم تلبثوا بعد نبيكم (٢) إلا خمسا (٣) وعشرين سنة حتى تقاتلتم؟
قال : وأنتم لم تجف أقدامكم من البحر حتى قلتم : (اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ) (٤).
وفد سعد (٥) بن أبي وقاص على معاوية بعد مقتل علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ فقال له معاوية :
مرحبا بمن لا يعرف الحق فيتبعه ، ولا الباطل فينكره.
فقال سعد : إنما مثلي كمثل ركب بينما هم يسيرون إذ ثارت عجاجة شديدة ، وظلمة منكرة ، فأناخوا حتى سكنت الغبرة (٦) ، وتجلّت الهبوة ، ثم ركبوا متن الطريق.
فقال معاوية : ما هكذا أمر الله حيث قال : (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي
__________________
(١) الخبر في الأمالي / المرتضى ١ / ٢٧٤ ، وشرح نهج البلاغة ٣ / ٢٢٩.
(٢) في الأصل : (بينكم) مصحفة.
(٣) في الأصل : (خمسة).
(٤) الأعراف : ١٣٨.
(٥) في الأصل : (سعيد) محرفة.
(٦) في الأصل : (العنابرة).