(وشعاع معقود) (١) فأتى بعلة عجيبة حين ذكر أنه شعاع للشمس قد انعقد فصار جمادا (٢).
فصل
في ذكر النار
قال الجاحظ (٣) :
(قد عظم الله شأن النار في صدور الناس ، وأخبر عن قدرها ونباهتها في الدنيا والآخرة. فمن مواضعها التي عظمت بها : أن الله تعالى (٤) جعلها آية لبني إسرائيل في موضع امتحان إخلاصهم (٥) ، وتعرف (٦) نياتهم ، فكانوا يتقربون بالقربان (٧) ، فمن كان منهم مخلصا نزلت نار من (٨) السماء حتى تحيط به فتأكله ، فإذا فعلت ذلك كان صاحب القربان مخلصا في تقربه ، ومتى لم يروها وبقي القربان على حاله قضوا بأنه : كان مدخول القلب ، فاسد النية ، ولذلك قال الله تعالى (٩) : (الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ عَهِدَ إِلَيْنا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنا بِقُرْبانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ) (١٠).
__________________
(١) النص في الحيوان ٥ / ٩٥ ، وقال قدامة حكيم المشرق في وصف الذهب : (شعاع مركوم ونسيم معقود ، ونور بصاص ، وهو النار الخامدة ، والكبريت الأحمر) ، وفي محاضرات الأدباء ٤ / ٦٢٣ : قال قدامة في وصف الذهب : (شعاع مركوم ، ونسيم معقود) ، وقد حرر محقق الحيوان في الهامش كلمة الذهن وحققها أي (الفكر) ، وحرف ما جاء في نسخة من المخطوط (الدهن) ، وصحف ما جاء في محاضرات الأدباء ، وقد جانبه الصواب لأن سياق كلام الثعالبي يؤكد أن الوصف للذهب ، وينطبق عليه ما جاء مفصلا في الحيوان ، ويؤكده تعليق الثعالبي إذ يستحسن وصف الذهب بشعاع الشمس المعقود الجامد.
(٢) في الأصل : (ذكو .. قد ابعد .. حماد).
(٣) قول الجاحظ في الحيوان ٤ / ٤٦١ ، ويبدأ النصّ من قوله : (فمن مواضعها التي ..).
(٤) في الحيوان : (عزوجل).
(٥) في الأصل : (إخلاصمهم).
(٦) في الحيوان : (وتعرف صدق نياتهم).
(٧) في الأصل : (القربات).
(٨) في الحيوان : (نار من قبل السماء).
(٩) في الحيوان : (تعالى في كتابه).
(١٠) آل عمران : ١٨٣. وتتمة الآية في الحيوان (قُلْ قَدْ جاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّناتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ).