(أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (١) كلمتان (٢) قد جمعتا ما عقده الله تعالى على خلقه من طاعته فيما بينه وبينهم.
ومن ذلك قوله تعالى : (وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النَّاسَ) (٣) ثلاث كلمات تجمع (٤) من أصناف التجارات وأنواع المرافق بركوب السفن ما لا يبلغه الإحصاء.
ومن ذلك قوله عزوجل في وصف خمر الجنة : (لا يُصَدَّعُونَ عَنْها وَلا يُنْزِفُونَ) (٥). وهاتان الكلمتان قد أتتا (٦) على جميع عيوب الخمر (٧) ، فقال : ومن ذلك قوله عزوجل في وصف فاكهة الجنة : (لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ) (٨) فجمع بهاتين الكلمتين جميع تلك المعاني (٩).
ومن ذلك قوله (لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ) (١٠) كلام يجمع ما نبتته الأرض ، وقوله تعالى : (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَ) (١١) كلام يشتمل على جميع ما
__________________
(١) المائدة : ١ ، الأصل : (بالقعود).
(٢) في الأصل : (كلمتا .. كلما).
(٣) البقرة : ١٦٤ ، وما بين المعكوفين ساقط في الأصل.
(٤) في الأصل : (يجمع).
(٥) الواقعة : ١٩.
(٦) في الأصل : (إننا).
(٧) النص في الحيوان ٣ / ٨٦ وفيه يقول : (ولي كتاب جمعت فيه آيات من القرآن لنعرف بها فضل ما بين الإيجاز والحذف ، وبين الزوائد والفضول والاستعارات فإذا قرأتها رأيت فضلها في الإيجاز وترك الفضول ، فمنها قوله حين وصف خمر أهل الجنة (لا يُصَدَّعُونَ عَنْها وَلا يُنْزِفُونَ) وهاتان الكلمتان قد جمعتا عيوب خمر أهل الدنيا).
(٨) الواقعة : ٣٣.
(٩) قول الجاحظ في الحيوان ٣ / ٨٦ وفيه إضافة : (وهذا كثير قد دللتك عليه فإن أردته فموضعه مشهور).
(١٠) المائدة : ٦٦.
(١١) البقرة : ٢٢٨.