الباب الحادي والعشرون
في اقتصاص بعض ما في القرآن من الإيجاز (١) والتشبيه والاستعارة والتجنيس
والطباق وما يجري مجراها (٢)
فصل
في ذكر الإيجاز (٣)
قال من أراد أن يتعرف (٤) جوامع الكلام ، وفضل الاختصار (٥) ، وبلاغة الإيماء ، وكفاية الإيجاز ، فليتدبر القرآن ، وليتأمل علوه على سائر الكلام ، فمن ذلك قول الله عز ذكره قال : (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا ...) (٦). قال استقاموا كلمة واحدة اشتملت على الطاعات كلها في الإيماء والإيجاز (٧) ، وذلك لو أن إنسانا أطاع الله مائة سنة ثم سرق حبة واحدة ، لخرج بسرقتها من الاستقامة. ومن ذلك قوله : (أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ) (٨).
إنما هو من الخوف ، والخوف مكروه ، والمكروه منع المحبوب أو وقع مسخوط ، فإذا نالوا الأمن بإطلاق ارتفع عنهم الخوف وارتفع بارتفاعه المكروه ، قال (٩) ومن ذلك قوله عز ذكره :
__________________
(١) في الأصل : (الإنجاز) ، وفي مقدمة كتابه حين عرض أبواب الكتاب : (من الإيجاز والإطناب) ١ / ٢٧.
(٢) في الأصل : (مجراه).
(٣) في الأصل : (الإنجاز).
(٤) في الأصل : (تعرف).
(٥) في الأصل : (الاحتصار).
(٦) فصلت : ٣٠.
(٧) في الأصل : (الايتما والاترجاز).
(٨) الأنعام : ٨٢.
(٩) في الأصل : (قل).