أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا) (١) ، ووافق ذلك رعدا وبرقا جعل يسكن ويشتد. فقال لي أبو نواس :
سأنشدك (٢) في هذا المعنى [شعرا] (٣) استخرجته في الخمر فلما كان من الغد أنشدني:
وسيارة ضلّت عن القصد بعدما |
|
ترادفهم (٤) أفق من الليل مظلم (٥) |
وأصغوا (٧) إلى صوت ونحن عصابة |
|
وفينا فتى من سكره يترنم (٦) |
فلاحت لهم منا على النأي قهوة |
|
كأنّ سناها ضوء نار تضرم (٨) |
إذا ما حسوناها أقاموا بظلمة |
|
وإن مزجت حثّوا الركاب ويمموا (٩) |
قال ابن حمدون (١٠) فحدّثت بهذا الحديث محمد بن الحسين بن مصعب. فقال لي :
يا أبا عبد الله لم يسرقه من ألفاظ القرآن ، ولا كرامة له ، ولا مسرة ، ولكن سرقه من قول الشاعر (١١) :
__________________
(١) البقرة : ٢٠ وفي الأصل : (يكاد البروق ..).
(٢) في الأصل : (سايشدك) محرفة.
(٣) زيادة يقتضيها السياق.
(٤) في الأصل : (تراد فيهم) محرفة.
(٥) السيارة : القافلة ، والقصد : الطريق ، ترادفهم : جعلهم رديفا لهم ، والرديف من تركبه خلفك على البعير ، يريد أنهم ركبوا الظلام.
(٦) في الأصل : (واصفوا).
(٧) في الأصل : (تترنم).
(٨) في الأصل : (يضرم).
(٩) في الأصل : (إذا ما حسبوناها وأقاموا ..) وروايته في الديوان : (إذا ما حسوناها أقاموا مكانهم). وحسوناها : شربناها ، وحثوا : حرضوا ، والركاب : الإبل ، يمموا : قصدوا.
(١٠) ابن حمدون هو أبو المعالي محمد بن الحسن بن محمد بن علي الكاتب الملقب : كافي الكفاة بهاء الدين البغدادي ، كان فاضلا ذا معرفة تامة بالأدب والكتابة ، من بيت مشهور بالرياسة والفضل ، من كتبه التذكرة ، توفي سنة ٥٦٢ ه.
(١١) البيتان في الجمان ص ٥٤ وفيه : (ونظر أعرابي إلى هذا المعنى (الآية السابقة) فقال : (البيتين).