لقد عيّرتني في الطواسين آية |
|
أتاك بها روح أمين ومنزل |
يقولون ما لا يفعلون وإنني |
|
من القوم قوّال بما ليس يفعل (١) |
لما أنشد مروان بن أبي حفصة (٢) الرشيد قصيدته التي فيها (٣) :
وسدّت بهارون الثغور وأحكمت |
|
به من أمور المسلمين المرائر (٤) |
فكلّ ملوك الرّوم أعطاه جزية |
|
على الرغم قسرا عن يد وهو صاغر (٥) |
استحسن هذا البيت جدا ، وأعجب به ، وأمر له بخمسين ألفا وخمسين ثوبا ، وليس فيه شيء إلّا أنه مقتبس من قوله تعالى : (حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ) (٦).
حدّث أبو عبيد الله محمد بن [عمران بن] موسى المرزباني (٧) بإسناد له في كتابه المستنير (٨) ، عن الحسين بن الضحاك (٩) قال (١٠) :
كنت أساير أبا نواس في ليلة مظلمة في بعض أزقة البصرة فمررنا برجل يقرأ من سورة البقرة : (يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذا
__________________
(١) الطواسين : السور التي تبدأ ب (طسم) ومنها الشعراء ، وإلى خواتيهما الإشارة في البيت (وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ).
(٢) في الأصل : (وأي خصصه) محرفة.
(٣) شعر مروان بن أبي حفصة ق ٣٤ ص ١٥٣ بتحقيق عطوان ، وهما من قصيدة طويلة في ٢٢ بيتا.
(٤) في الأصل : (وسيدات مروان .. المدابر).
(٥) في الأصل : (على الدغم).
(٦) التوبة : ٢٩.
(٧) في الأصل : (أبو عبد الله محمد بن موسى المرباني. والصواب ما أثبتناه ، وهو أديب بغدادي ومؤرخ إخباري له كتب كثيرة منها معجم الشعراء وأشعار النساء ، ولد سنة ٢٩٧ وتوفي سنة ٣٨٤ ه.
(٨) كتابه المستنير في أخبار الشعراء المحدثين المشهورين أولهم بشار وآخرهم ابن المعتز (عشرة آلاف ورقة). ذكره الفهرست ص ١٣٢.
(٩) في الأصل : (الحسن بن الضحاك) والصواب ما أثبتناه ، الشاعر الخليع المعروف ، كان جيد الشعر كثير المجون ، وهو غلام والبة ، من طبقة أبي نواس. طبقات الشعراء ص ٢٦٩.
(١٠) الخبر في أخبار أبي نواس ٧٩ وديوانه ص ٣٣٣ ونهاية الإرب ٤ / ٩٩.