الباب التاسع عشر
في الأمثال والألفاظ التي يجري مجراها ، والتنبيه على استعمالها والتمثيل بها.
فصل
في فضل الأمثال
قال بعض الحكماء :
الأمثال مصابيح الأقوال ، وحلي الكلام وأشكاله الحكمة ، ولذلك قال الله عزوجل : (وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ) (١) قال تعالى : (كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ لِلنَّاسِ أَمْثالَهُمْ) (٢).
وقال ابن المقفع :
إذا جعل الكلام مثلا كان أوضح للمنطق ، وأبين في القياس ، وأوثق للسمع ، وأوسع لشعوب الحديث.
وقال غيره :
تجتمع في الأمثال أربعة لا تجتمع في غيرها : إيجاز (٣) اللفظ ، وإصابة المعنى ، وحسن التشبيه (٤) ، وجودة الكناية. فهي إذا نهاية البلاغة. قال الله تعالى : (وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ) (٥) وقال سبحانه : (وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنا
__________________
(١) الزمر : ٢٧.
(٢) محمد : ٣ ، وفي الأصل : (الأمثال) وهو وهم من الناسخ.
(٣) في الأصل : (بحاد) مصحفة ، والصواب ما أثبتناه.
(٤) في الأصل : (التشبيب) محرفة.
(٥) الروم : ٥٨.