ونزل على رايات (١) مولانا الظفر والنجح (٢) ، وقيل لأولئك الأغمار (٣) القصار شاهت الوجوه ، وهبّت لهم الدّبور (٤) ، فلم ير إلّا قتيل قد فاضت دماؤه ، وجريح لم يبق إلّا ذماؤه (٥) ، وأسير قد (شدّ وثاقه) (٦) ، وشديد قد حضر سياقه ، وجديب (٧) قد تبت يداه وتب ، لم يغن عنه ماله ولا ما كسب (٨).
وله :
الحمد لله فاتح المغالق ، دافع العوائق ، ربّ الأرباب ، ومذللّ الصعاب ، كل عسير إذا يسّره يهون :
(إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (٩) هو الذي أرسل محمدا بالبيان (١٠) القاطع ، والنور الساطع ، ونصره بالرهبة والرغبة ، ووعده بإعلاء الكلمة على البعد والقرب ، وجعل سراطه المستقيم إذا اعوج المبطلون ، ودينه القويم (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) (١١) ، واختار لسياسته في كل عصر وأوان ، وحين وزمان من صدره فضاء ، وأمره قضاء ، ورأيه حسام ، وعزمه إبرام ، وإحسانه عموم ،
__________________
(١) في الأصل : (ربات).
(٢) في الأصل : (الطفر واللعح).
(٣) في الأصل : (الأعمار) مصحفة.
(٤) الدبور : الريح التي تقابل الصّبا.
(٥) الذّماء ، ممدود : بقية الروح في المذبوح.
(٦) إشارة إلى قوله تعالى : (... فَشُدُّوا الْوَثاقَ) محمد : ٤.
(٧) الجديب والجادب : الكاذب.
(٨) إشارة إلى سورة المسد : ١ ـ ٢.
(٩) يس : ٨٢.
(١٠) في الأصل : (محمد بالبينات).
(١١) التوبة : ٣٣ والصف : ٩.