كيف السبيل إلى
إيجادها ، ولتحيّرت عقولها في علم ذلك وتاهت وعجزت قواها وتناهت ، ورجعت خاسئة
حسيرة ، عارفة بأنّها مقهورة ، مقرة بالعجز عن إنشائها ، مذعنة بالضعف عن إفنائها».
يقول الإمام جعفر
بن محمد الصادق عليهماالسلام بشأن خلقة هذا الحيوان الصغير :
«إنّما ضرب الله
المثل بالبعوضة على صغر حجمها خلق الله فيها جميع ما خلق في الفيل مع كبره وزيادة
عضوين آخرين ، فأراد الله سبحانه أن ينبّه بذلك المؤمنين على لطيف خلقه وعجيب
صنعته».
إلى هنا تم تفسير
مفردات الآية ، وأمّا تفسير الآية برمتها فقد نقل المفسرون في سبب نزولها وجهين :
الأوّل
: انّ الله تعالى
لما ضرب المثلين قبل هذه الآية للمنافقين ، أعني قوله : (مثلهم كمَثل الذي استوقد ناراً) وقوله : (أو كصيّب من السماء) قالالمنافقون : الله أعلى وأجل من أن يضرب هذه الأمثال ،
فأنزل الله تعالى هذه الآية.
الثاني
: انّه سبحانه لما
ضرب المثل بالذباب والعنكبوت تكلّم فيه قوم من المشركين وعابوا ذكره ، فأنزل الله
هذه الآية.
ولا يخفى ضعف
الوجه الأوّل ، فانّ المنافقين لم ينكروا ضرب المثل ، وإنّما أنكروا المثلين
اللّذين مثّل بهما سبحانه حال المنافقين ، وعند ذلك لا يكون التمثيل بالبعوضة
جواباً لرد استنكارهم ، لأنّهم أنكروا المثلين اللّذين وردا في حقهما ، فلا
__________________