فالإمعان في مجموع ما ورد في الآيات والروايات يدل بوضوح على أنّ الاقتصاد في الحياة هو الأصل الأساسي في الإسلام ، ولعله بذلك سميت الأُمة الإسلامية بالأُمة الوسط ، قال سبحانه : (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلى النّاسِ) (١)
وهناك كلمة قيمة للإمام أمير المؤمنين عليهالسلام حول الاعتدال نأتي بنصها : دخل الإمام على العلاء بن زياد الحارثي وهو من أصحابه يعوده ، فلمّا رأى سعة داره ، قال : «ما كنت تصنع بسعة هذه الدار في الدنيا ، وأنت إليها في الآخرة كنت أحوج؟
بلى إن شئت بلغت بها الآخرة ، تقري فيها الضيف ، وتصل فيها الرَّحم ، وتطلع منها الحقوق مطالعها ، فإذا أنت قد بلغت بها الآخرة».
فقال له العلاء : يا أمير المؤمنين ، أشكو إليك أخي عاصم بن زياد. قال : «وماله؟» قال : لبس العباءة وتخلّى عن الدنيا. قال : «عليّ به». فلمّا جاء قال : «يا عديّ نفسك : لقد استهام بك الخبيث! أما رحمت أهلك وولدك! أترى الله أحلّ لك الطيبات ، وهو يكره أن تأخذها؟! أنت أهون على الله من ذلك».
قال : يا أمير المؤمنين ، هذا أنت في خشونة ملبسك وجشوبة مأكلك!
قال : «ويحك ، إنّي لست كأنت ، إنّ الله تعالى فرض على أئمّة العدل (الحق) أن يقدِّروا أنفسهم بضعفة الناس ، كيلا يتبيّغ بالفقير فقره!» (٢)
__________________
(١) البقرة : ١٤٣.
(٢) نهج البلاغة ، الخطبة ٢٠٩.