بآيتين :
الأُولى : (فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون)
الثانية : (فَأخذهم العذاب وهم ظالمون)
فلنرجع إلى الآية الأُولى ، فقد جزاهم بالجوع والخوف نتيجة بطرهم.
وهناك سؤال مطروح منذ القدم وهو انّه سبحانه جمع في الآية الأُولى بين الذوق واللباس ، فقال : (فَأَذاقَهَا الله لِباسَ الجُوعِ) مع أنّ مقتضى استعمال الذوق هو لفظ طعم ، بأن يقول : «فأذاقها الله طعم الجوع».
ومقتضى اللفظ الثاني أعني : اللباس ، أن يقول : «فكساهم الله لباس الجوع» فلماذا عدل عن تلك الجملتين إلى جملة ثالثة لا صلة لها ـ حسب الظاهر ـ بين اللفظين؟
والجواب : انّ للإتيان بكلّ من اللفظين وجهاً واضحاً.
أمّا استخدام اللباس فلبيان شمول الجوع والخوف لكافة جوانب حياتهم ، فكأنّ الجوع والخوف أحاط بهم من كلّ الأطراف كإحاطة اللباس بالملبوس ، ولذلك قال : (لباس الجوع والخوف) ولم يقل «الجوع والخوف» لفوت ذلك المعنى عند التجريد عن لفظ اللباس.
وأمّا استخدام الذوق فلبيان شدة الجوع ، لأنّ الإنسان يذوق الطعام ، وأمّا ذوق الجوع فانّما يطلق إذا بلغ به الجوع والعطش والخوف مبلغاً يشعر به من صميم ذاته ، فقال : (فَأَذاقَهُمُ الله لِباس الجوع والخَوف)
هذا ما يرجع إلى تفسير الآية ، وأمّا ما هو المرادمن تلك القرية بأوصافها الثلاثة ، فقد عرفت من الروايات خصوصياتها.