وعلى هذا فالمثل
بهذا المعنى غير موجود في القرآن الكريم ، لما ذكرنا من أنّ قوام الأمثال هو
تداولها على الألسن وسريانها بين الشعوب ، وهذه الميزة غير متوفرة في الآيات
القرآنية.
كيف وقد أسماه
سبحانه مثلاً عند النزول قبل أن يعيها النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ويقرأها للناس ويدور على الألسن ، فلا مناص من تفسير المثل
في القرآن بمعنى آخر ، وهو التمثيل القياسي الذي تعرّض إليه علماء البلاغة في علم
البيان وهو قائم بالتشبيه والاستعارة والكناية والمجاز ، وقد سمّاه القزويني «في
تلخيص المفتاح» المجاز المركب وقال :
إنّه اللفظ المركب
المستعمل فيما شُبِّه بمعناه الأصلي تشبيه التمثيل للمبالغة في التشبيه ، ثمّ مثل
بما كتب يزيد بن وليد إلى مروان بن محمد حين تلكأ عن بيعته : أمّا بعد ، فإنّي
أراك تقدّم رجلاً وتؤخّر أُخرى ، فإذا أتاك كتابي هذا فاعتمد على أيّهما شئت ،
والسلام.
فلهذا التمثيل من
المكانة ما ليس له لو قصد المعنى بلفظه الخاص ، حتى أنّه لو قال مثلاً : بلغني
تلكّؤك عن بيعتي ، فإذا أتاك كتابي هذا فبايع أو لا ، لم يكن لهذا اللفظ من المعنى
بالتمثيل ، ما لهذا.
فعامة ما ورد في
القرآن الكريم من الأمثال فهو من قبيل التمثيل لا المثال المصطلح.
ثمّ إنّ الفرق بين
التشبيه والاستعارة والكناية والمجاز أمر واضح لا حاجة لإطناب الكلام فيه ، وقد
بيّنه علماء البلاغة في علم البيان ، كما طرحه أخيراً علماء
__________________