٨. انّ في تشبيه
الحقّ بالماء والباطل بالزبد إشارة لطيفة إلى أنّ الباطل كالزبد ، فكما أنّه ينعقد
في الماء الذي له هيجان واضطراب والذي لا يجري على منوال هادئ ، فهكذا الباطل
إنّما يظهر في الأوضاع المضطربة التي لا يسودها أي نظام أو قانون.
٩. انّ حركة
الباطل وإن كانت مؤقتة إنّما هي في ظل حركة الحقّ ونفوذه في القلوب ، فالباطل يركب
أمواج الحق بغية الوصول إلى أهدافه ، كما أنّ الزبد يركب أمواج الماء ليحتفظ
بوجوده.
١٠. انّ الباطل
بما انّه ليس له حظ في الحقيقة ، فلو خلص من الحقيقة فليس بإمكانه أن يظهر نفسه ،
ولو في فترة قصيرة ، ولكنّه يتوسم من خلال مزجه بالحقّ حتى يمكن له الظهور في
المجتمع ، ولذلك فالزبد يتكون من أجزاء مائية ، فلو خلص منها لبطل ، فهكذا الباطل
في الآراء والعقائد.
قال أمير المؤمنين
علي عليهالسلام :
«فلو انّ الباطل
خلص من مزاج الحق لم يخف على المرتادين ، ولو انّ الحقّ خلص من لبس الباطل انقطعت
عنه ألسن المعاندين ، ولكن يؤخذ من هذا ضغث ، ومن هذا ضغث فيمزجان ، فهنالك يستولي
الشيطان على أوليائه وينجو الذين سبقت لهم من الله الحسنى».
***
ثمّ إنّ بعض من
كتب في أمثال القرآن جعل قوله سبحانه : (مَثَلُ الْجَنَّةِ
الّتي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهارُ أُكُلُها دائِمٌ
وَظِلُّهُا تِلْكَ عُقْبَى الّذينَ
__________________