ممن غفل عن أمر الله ومتع بمال وأولاد وهي في نفس الأمر استدراج وإنظار لا إكرام) ، (وَمَكَرُوا) أي : الرؤساء ، قال النسفي : ومكرهم احتيالهم في الدين ، وكيدهم لنوح وتحريش الناس على أذاه ، وصدهم عن الميل إليه (مَكْراً كُبَّاراً) أي : مكرا عظيما بأتباعهم في تسويلهم لهم أنهم على الحق والهدى ، (وَقالُوا) أي : الرؤساء للأتباع (لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ) على العموم أي : لا تتركوا عبادتها ، (وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً) قال ابن كثير : وهذه أسماء أصنامهم التي كانوا يعبدونها من دون الله (وَقَدْ أَضَلُّوا) أي : الأصنام أو الرؤساء (كَثِيراً) أي : من الناس (وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلالاً) ختم نوح عليهالسلام عرض حاله على الله بهذا الدعاء ، وفي ختمه عرض الحال على الله عزوجل بهذا الدعاء أدب منه عليهالسلام ، فكأنه قال هذا موقفهم يا رب ، وأنت سنتك ألا تزيد الظالمين إلا ضلالا وهؤلاء ظالمون ، وأنا لا أذكر هذا معترضا ؛ بل أنا أدعوك أن تحقق سنتك فيهم ؛ تسليما لك في سنتك ، وإعلانا عن براءتي منهم.
كلمة في السياق :
بالدعاء الأخير ختم نوح عليهالسلام عرض ما فعله على الله عزوجل ـ والله أعلم ـ بما فعل وبعد أن قص الله عزوجل علينا هذا كله يخبرنا الله عزوجل في الجزء الرابع من المجموعة الثانية عن فعله بهؤلاء.
تفسير الجزء الرابع من المجموعة الثانية :
(مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ) أي : من خطيئاتهم أي : من ذنوبهم (أُغْرِقُوا) أي : بالطوفان (فَأُدْخِلُوا ناراً) قال ابن كثير : أي : نقلوا من تيار البحار إلى حرارة النار ، وقال النسفي : (وتقديم (مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ) لبيان أن لم يكن إغراقهم بالطوفان وإدخالهم في النيران إلا من أجل خطيئاتهم ، وأكد على هذا المعنى بزيادة ما ، وكفى بها مزجرة لمرتكب الخطايا ، فإن كفر قوم نوح كان واحدة من خطيئاتهم ، وإن كانت كبراهن ، والفاء في (فأدخلوا) للإيذان بأنهم عذبوا بالإحراق عقيب الإغراق فيكون دليلا على إثبات عذاب القبر) ، قال الألوسي في قوله تعالى : (فَأُدْخِلُوا ناراً) : (هي نار البرزخ ، والمراد عذاب القبر ، ومن مات في ماء أو نار أو أكلته السباع أو الطير مثلا أصابه ما يصيب المقبور من العذاب) (فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ