بالنعمة ، ويطالبه بشكرها عملا. وتلك سنة الله عزوجل (اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً).
٤ ـ إن خطاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم بقوله تعالى : (ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى ..) وبقوله تعالى : (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى ..) تذكير للمسلمين بأن هذا هو رسولكم يا مسلمون ، منعم عليه من الله عزوجل ، ومأمور من الله جل جلاله ـ وهو قدوتكم في الصبر ، وفي الشكر ، وفي كل خير ـ فتابعوه ، وآمنوا به ، وآمنوا بما أنزل عليه من وحي وهدى واقتدوا به في شأنه كله ، وصلة ذلك بمقدمة سورة البقرة وهي : (الم* ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ* وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ* أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ). إن صلة ذلك بهذه الآيات واضحة ، عدا عن كون السورة فصلت في قضايا إيمانية ، وقضايا مرتبطة بالإنفاق ، وقضايا مرتبطة باتباع الكتاب ، وقضايا مرتبطة بالإيمان باليوم الآخر ، وقضايا مرتبطة بالفلاح في اليوم الآخر ، ولعله بهذا كله اتضح لدينا صلة السورة بالسور قبلها ، كما اتضح لنا سياقها الخاص ، وصلتها بمحورها وسنرى صلتها بما بعدها فيما بعد.
الفوائد :
١ ـ بمناسبة قوله تعالى : (وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى) (قال ابن كثير : وللدار الآخرة خير لك من هذه الدار ، ولهذا كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم أزهد الناس في الدنيا وأعظمهم لها إطراحا كما هو معلوم بالضرورة من سيرته ، ولما خير عليهالسلام في آخر عمره بين الخلد في الدنيا إلى آخرها ثم الجنة ، وبين الصيرورة إلى الله عزوجل اختار ما عند الله على هذه الدنيا الدنية. روى الإمام أحمد عن عبد الله ـ هو ابن مسعود ـ قال : اضطجع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على حصير فأثر في جنبه فلما استيقظ جعلت أمسح جنبه وقلت : يا رسول الله ألا آذنتنا حتى نبسط لك على الحصير شيئا فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «مالي وللدنيا ، إنما مثلي ومثل الدنيا كراكب ظل تحت شجرة ثم راح وتركها» ورواه الترمذي وابن ماجه من حديث المسعودي وقال الترمذي : حسن صحيح).