بالوحي إليك ، وأنك حبيب الله ، ولا ترى كرامة أعظم من ذلك ، أخبره أن حاله في الآخرة أعظم من ذلك لتقدمه على الأنبياء ، وشهادة أمته على الأمم ، وغير ذلك (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ) في الآخرة من الثواب ومقام الشفاعة وغير ذلك). (فَتَرْضى) فما أعظمها من بشارة له ولأمته صلىاللهعليهوسلم ثم قال تعالى ـ يعدد نعمه على عبده ورسوله محمد صلىاللهعليهوسلم ـ فقال : (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى) قال النسفي : (والمعنى : ألم تكن يتيما حين مات أبواك فآواك إلى عمك أبي طالب ، وضمك إليه حتى كفلك ورباك) (وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى) قال النسفي : (أي : وجدك غير عالم ، ولا واقف على معالم النبوة ، وأحكام الشريعة وما طريقه السمع (فَهَدى) أي : فعرفك الشرائع والقرآن .. ولا يجوز أن يفهم به عدول عن حق ووقوع في غي ، فقد كان عليه الصلاة والسلام من أول حاله إلى نزول الوحي عليه معصوما من عبادة الأوثان. وقاذورات أهل الفسق والعصيان) (وَوَجَدَكَ عائِلاً) أي فقيرا (فَأَغْنى) قال ابن كثير : أي : كنت فقيرا ذا عيال فأغناك الله عمن سواه ، فجمع له بين مقامي الفقير الصابر والغني الشاكر.
كلمة في السياق :
ما صلة قوله تعالى : (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى * وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى * وَوَجَدَكَ عائِلاً فَأَغْنى) بما قبلها أي بقوله تعالى : (ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى * وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى * وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى)؟ قال النسفي : (عدد عليه نعمه من أول حاله ليقيس المرتقب من فضل الله على ما سلف منه ، لئلا يتوقع إلا الحسنى وزيادة الخير ، ولا يضيق صدره ولا يقل صبره) أقول : وسنرى صلة تعداد النعم عليه صلىاللهعليهوسلم بما بعدها من خلال ما سننقله من كلام ابن كثير ، ولنعد إلى التفسير.
قال قتادة في قوله تعالى : (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى * وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى * وَوَجَدَكَ عائِلاً فَأَغْنى) : كانت هذه منازل رسول الله صلىاللهعليهوسلم قبل أن يبعثه الله عزوجل.