المتقين : (أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) واضحة.
٣ ـ في هذه الفقرة أنذر الله عزوجل عباده ناره التي يصلاها الأشقى ويجنبها الأتقى وصلة ذلك بقوله تعالى عن المتقين (وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) وبقوله تعالى عن الكافرين : (وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) واضحة.
٤ ـ وصف الله عزوجل الأتقى في الفقرة بالإنفاق الخالص وصلة ذلك بقوله تعالى عن المتقين في مقدمة سورة البقرة : (وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) واضحة. وتخصيص هذه الصفة بالذكر ؛ لأن الإنفاق في سبيل الله هو البرهان على التقوى ، قال عليه الصلاة والسلام «والصدقة برهان». فإذا اتضحت هذه المعاني كلها. عرفنا صلة السورة بمقدمة سورة البقرة ، ومن قبل عرفنا صلة السورة بما قبلها ، والآن فلنلخص السياق الخاص للسورة :
٥ ـ عرفنا في الفقرة الأولى سر اختلاف الناس في العمل ، وأن مرجعه إلى موقف رئيسي هو البخل والعطاء ، والتقوى والاستغناء ، والتكذيب والتصديق يترتب على هذا أو ذاك تيسير إلى طريق الخير أو طريق الشر ، ثم بين الله عزوجل في الفقرة الثانية أن الله يبين ، وعلى الإنسان أن يختار ، ثم أنذر الله عزوجل من يختار طريق الضلال ، وبشر من يختار طريق الهداية ، ومرة ثانية ذكر أن الإنفاق في سبيل الله عزوجل أصل أصيل في الطريق ، وأن من يفعل ذلك فسيكافئه الله عزوجل وسيرضيه ، وبهذا نكون قد عرفنا السياق الخاص للسورة ، وعرفنا صلة السورة بمحورها ، وصلتها بما قبلها ، وسنرى صلتها بما بعدها.
الفوائد :
١ ـ بمناسبة قوله تعالى : (إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى* فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى) قال صاحب الظلال : (إن سعيكم لشتى .. مختلف في حقيقته ، مختلف في بواعثه ، مختلف في اتجاهه. مختلف في نتائجه .. والناس في هذه الأرض تختلف طبائعهم ، وتختلف مشاربهم ، وتختلف تصوراتهم ، وتختلف اهتماماتهم ، حتى لكأن كل واحد منهم عالم خاص يعيش في كوكب خاص.
هذه حقيقة. ولكن هناك حقيقة أخرى. حقيقة إجمالية تضم أشتات البشر جميعا ،