التفسير :
(إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى) قال قتادة أي : تبيين الحلال والحرام ، وقال النسفي : (أي : إن علينا الإرشاد إلى الحق بنصب الدلائل وبيان الشرائع) (وَإِنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولى) قال ابن كثير : أي : الجميع ملكنا وأنا المتصرف فيهما. وقال النسفي : (فلا يضرنا ضلال من ضل ، ولا ينفعنا اهتداء من اهتدى ، أو أنهما لنا فمن طلبهما من غيرنا فقد أخطأ الطريق) (فَأَنْذَرْتُكُمْ) أي : فخوفتكم (ناراً تَلَظَّى) أي : تتلهب (لا يَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَى) أي : لا يدخلها للخلود فيها إلا الكافر ، قال ابن كثير : أي : لا يدخلها دخولا يحيط به من جميع جوانبه إلا الأشقى. ثم فسره فقال : (الَّذِي كَذَّبَ) أي : بقلبه (وَتَوَلَّى) أي : عن العمل بجوارحه وأركانه (وَسَيُجَنَّبُهَا) أي : وسيبعد عنها (الْأَتْقَى) أي : المؤمن العامل. قال ابن كثير : أي : وسيزحزح عن النار التقي النقي الأتقى ، ثم فسره بقوله : (الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ) أي : للفقراء (يَتَزَكَّى) من الزكاء أي : يطلب أن يكون عند الله زكيا لا يريد به رياء ولا سمعة. وقال ابن كثير : (أي : يصرف ماله في طاعة ربه ؛ ليزكي نفسه وماله وما وهبه الله من دين ودنيا. قال أبو عبيدة : الأشقى بمعنى الشقي ، وهو الكافر ، والأتقى بمعنى التقي ، وهو المؤمن ؛ لأنه لا يختص بالصلي أشقى الأشقياء ، ولا بالنجاة أتقى الأتقياء) ثم أكمل الله عزوجل وصف الأتقى فقال : (وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى) أي : ليس بذله ماله في مكافأة من أسدى إليه معروفا فهو يعطي مقابلة ذلك ، وإنما دفعه لذلك (إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى) قال ابن كثير : أي : طمعا في أن يحصل له رؤية في الدار الآخرة في روضات الجنات. (وَلَسَوْفَ يَرْضى) هذا وعد بالثواب الذي يرضيه ويقر عينه. قال ابن كثير : أي : ولسوف يرضى من اتصف بهذه الصفات.
كلمة في السياق :
١ ـ في هذه الفقرة بين الله عزوجل أن الله يبين والإنسان يختار. فقال : (إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى) وصلة ذلك بقوله تعالى في محور السورة : (الم* ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) واضحة فهذا القرآن فيه الهدى وعلى الإنسان أن يختار.
٢ ـ وفي هذه الفقرة بين الله عزوجل أن اختيار الهدى لا يترتب عليه ضرر ، لأن الله هو مالك كل شىء (وَإِنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولى) وصلة ذلك بقوله تعالى عن