لا يعجز عنه ولا يضعف ، وقال ابن كثير : أي : شديد الخلق ، شديد البطش والفعل (عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ) أي : عند الله عزوجل ، (مَكِينٍ) قال ابن كثير : أي : له مكانة عند الله عزوجل ، ومنزلة رفيعة ، (مُطاعٍ ثَمَ) أي : هناك. أي : في السموات يطيعه من فيها من الملأ الأعلى ، قال ابن كثير : أي : في السموات يعني : ليس هو من أفراد الملائكة ، بل هو من السادة والأشراف معتنى به ، انتخب لهذه الرسالة العظيمة (أَمِينٍ) أي : على الوحي أو متصف بصفة الأمانة بشكل مطلق ، قال ابن كثير : وهذا عظيم جدا أن الرب عزوجل يزكي عبده ورسوله الملكي جبريل. (وَما صاحِبُكُمْ) أي : محمد صلىاللهعليهوسلم (بِمَجْنُونٍ) كما يزعم الكفرة (وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ) أي : البين. قال ابن كثير : يعني ولقد رأى محمد جبريل ـ الذي يأتيه بالرسالة عن الله عزوجل على الصورة التي خلقه الله عليها له ستمائة جناح بالأفق المبين أي : البين وهي الرؤية الأولى التي كانت بالبطحاء .. وفسر النسفي الأفق المبين بمطلع الشمس (وَما هُوَ) أي : محمد صلىاللهعليهوسلم (عَلَى الْغَيْبِ) أي : على الوحي (بِضَنِينٍ) أي : يبخل على الوحي ، بل يبذله لكل أحد ، ولا يقتصر في التبليغ والتعليم ومنح كل ما هو مستعد له من العلوم (وَما هُوَ بِقَوْلِ شَيْطانٍ رَجِيمٍ) أي : طريد ، أي : ليس هو بقول بعض المسترقة للسمع مما يوحونه إلى أوليائهم من الكهنة (فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ) قال ابن كثير : أي : فأين تذهب عقولكم في تكذيبكم بهذا القرآن مع ظهوره ووضوحه ، وبيان كونه حقا من عند الله عزوجل ... وقال قتادة : (فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ) أي : عن كتاب الله عزوجل وعن طاعته (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ) قال النسفي : أي : ما القرآن إلا عظة للخلق. وقال ابن كثير : أي : هذا القرآن ذكر لجميع الناس ، يتذكرون به ويتعظون (لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ). قال النسفي : أي : القرآن تذكرة لمن شاء الاستقامة ، يعني أن الذين شاؤوا الاستقامة بالدخول في الإسلام هم المنتفعون بالذكر فكأنه لم يوعظ به غيرهم وإن كانوا موعوظين جميعا. وقال ابن كثير : أي : لمن أراد الهداية فعليه بهذا القرآن (وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) أي : وما تشاءون الاستقامة إلا أن يشاء الله مالك الخلق. وقال ابن كثير : (أي : ليست المشيئة موكولة إليكم فمن شاء اهتدى ومن شاء ضل ، بل ذلك كله تابع لمشيئة الله رب العالمين. قال سفيان الثوري عن سليمان بن موسى : لما نزلت هذه الآية (لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ) قال أبو جهل : الأمر إلينا إن شئنا استقمنا وإن شئنا لم نستقم فأنزل الله تعالى (وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ)). أقول : ومن سبب