في الجزاء ، فأوجدت الاستعداد الكامل للسير في طريق الهداية ، ومن ثم نجد الفقرة الثانية مبدوءة بقوله تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلاً) ونجد في نهاية الفقرة قوله تعالى : (إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً ...) وعلى هذا يكون التسلسل العام لسياق السورة على الشكل التالي :
١ ـ بدأت السورة بتذكير الإنسان بخلقه ، وبحكمة الخلق ، وأنها الابتلاء ، وثنت بعلامة النجاح والخسران في هذا الابتلاء : الشكر أو الكفر ، وذكرت عاقبة الكفر ، وعاقبة الشكر ، وثلثت بذكر الطريق للنجاح في الامتحان والترابط على أشده بين هذه المعاني وبين بداية السورة ونهايتها ، بين أواسطها وبداياتها ونهاياتها.
٢ ـ إن هناك تلازما بين قوله تعالى : (إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ) في بداية الفقرة الأولى ، وبين قوله تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلاً) في بداية الفقرة الثانية ، فهداية الله عزوجل الإنسان السبيل إنما هي بهذا القرآن المنزل على محمد صلىاللهعليهوسلم ، والناس أمام ذلك قسمان : شاكر وكافر ، والفقرة الثانية تحدد الطريق للرسول صلىاللهعليهوسلم وللمقتدين به أي : للشاكرين ، فتأمر وتنهى وتعلل ، ومما تنهى عنه أن يطاع الآثم الكفور الذي سقط في الامتحان.
٣ ـ لننظر الآن نظرة في محور السورة من سورة البقرة : مما جاء في محور السورة من سورة البقرة قوله تعالى : (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا ...) وقد جاءت هذه الآية بعد الأمر بالعبادة ، والنهي عن الشرك في سورة البقرة فبين الأمر بالعبادة والإيمان بأن هذا القرآن من عند الله تلازم ، وهذه الفقرة الثانية من سورة الإنسان تؤكد أن إنزال القرآن من عند الله ، وتفصل في أمور من العبادة تأمر بها وتحددها.