ألذ لهم وأخف عليهم ، قال ابن كثير : أي : على قدر ريهم لا تزيد عنه ولا تنقص ، بل هي معدة لذلك ، مقدرة بحسب ري صاحبها ... وهذا أبلغ في الاعتناء والشرف والكرامة (وَيُسْقَوْنَ فِيها) قال ابن كثير : أي : ويسقون يعني : الأبرار أيضا في هذه الأكواب (كَأْساً) أي : خمرا (كانَ مِزاجُها زَنْجَبِيلاً) قال ابن كثير : فتارة يمزج لهم الشراب بالكافور ، وهو بارد وتارة بالزنجبيل وهو حار ، ليعتدل الأمر ، مع العلم أنه ليس في الجنة مما في الدنيا إلا الأسماء ، أما الماهية فشىء شبيه لكنه على حال غير حاله في الدنيا فهناك تقدم الأشياء مكتملة اللذة بلا تنغيص (عَيْناً فِيها) أي : في الجنة (تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً) قال ابن كثير : أي : الزنجبيل عين في الجنة تسمى سلسبيلا ، وقال مجاهد : سميت بذلك لسلاسة مسيلها ، وحدة جريها ... وحكى ابن جرير عن بعضهم : أنها سميت بذلك لسلاستها في الحلق ، واختار هو أنها تعم ذلك كله ، وهو كما قال. أقول : فخمرة الأبرار في الجنة تارة ممزوجة بماء عين الكافور ، وتارة ممزوجة بماء عين الزنجبيل ، ثم بين الله عزوجل من يطوف على أهل الجنة بالخدمة فقال : (وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ) أي : على أهل الجنة (وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ) أي : لا يموتون (إِذا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ) لحسنهم وصفاء ألوانهم ، وانبثاثهم في مجالسهم (لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً) قال النسفي : وتخصيص المنثور لأنه أزين في النظر من المنظوم ، وقال ابن كثير : (أي : إذا رأيتهم في انتشارهم في قضاء حوائج السادة ، وكثرتهم ، وصباحة وجوههم ، وحسن ألوانهم ، وثيابهم ، وحليهم ، حسبتهم لؤلؤا منثورا ، ولا يكون في التشبيه أحسن من هذا ، ولا في المنظر أحسن من اللؤلؤ المنثور على المكان الحسن. قال قتادة عن أبي أيوب عن عبد الله بن عمرو : ما من أهل الجنة من أحد إلا يسعى عليه ألف خادم ، كل خادم على عمل ما عليه صاحبه) ، وفسر ابن كثير قوله تعالى : (مُخَلَّدُونَ) بقوله : (أي : على حالة واحدة مخلدون عليها لا يتغيرون عنها ، لا تزيد أعمارهم عن تلك السن ، ومن فسرهم بأنهم مخرصون في آذانهم الأقرطة فإنما عبر عن المعنى بذلك ؛ لأن الصغير هو الذي يليق له ذلك دون الكبير). أقول : وهل هؤلاء الغلمان من أبناء الدنيا ، أو خلقهم الله ابتداء لخدمة عباده : في الجنة؟ قولان : قال النسفي : غلمان ينشئهم الله لخدمة المؤمنين ، أو ولدان الكفرة يجعلهم الله تعالى خدما لأهل الجنة (وَإِذا رَأَيْتَ) يا محمد أو أيها المخاطب (ثَمَ) أي : هناك يعني : في الجنة نعيمها وسعتها وارتفاعها وما فيها من الحبرة والسرور ، أي : إذا اكتسبت رؤية الجنة (رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً) فليس نعيما فقط ولا ملكا فقط ، بل نعيم كثير