(بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً) أي : تنشر وتقرأ. قال ابن كثير : أي : بل يريد كل واحد من هؤلاء المشركين أن ينزل عليه كتاب كما أنزل الله على النبي صلىاللهعليهوسلم (كَلَّا) ردع لهم عن تلك الإرادة وزجر لهم ، وبيان أن سنة الله ليست كذلك (بَلْ لا يَخافُونَ الْآخِرَةَ) قال ابن كثير : (أي : إنما أفسدهم عدم إيمانهم بها وتكذيبهم بوقوعها) ، أقول : هاتان هما علتا الإعراض عن قبول الإنذار : حسد للنذير وكفر بالآخرة.
كلمة في السياق :
رأينا أن الفقرة الأولى ختمت بقوله تعالى : (وَما هِيَ إِلَّا ذِكْرى لِلْبَشَرِ) ورجحنا أن المعنى : وما آيات القرآن إلا ذكرى للبشر ، ثم رأينا في بداية الفقرة الثانية قوله تعالى : (إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ* نَذِيراً لِلْبَشَرِ) ثم رأينا قوله تعالى : (فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ) ثم تأتي ثلاث آيات تقرر أن هذا القرآن موعظة كافية ، وتبين أن الله عزوجل أهل لأن يتقى ، وأهل لأن يغفر ، فهي تعرف على الله عزوجل والقرآن لتأخذ بيد الإنسان ليقبل الإنذار ، قال تعالى :
(كَلَّا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ) قال ابن كثير : أي : حقا إن القرآن تذكرة ، وقال النسفي : ردعهم عن إعراضهم عن التذكرة ، وقال : إن القرآن تذكرة مبينة كافية (فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ) قال الفخر الرازي : (أي : جعله نصب عينه ، فإن نفع ذلك عائد عليه) وقال النسفي : (أي : فمن شاء أن يذكره ولا ينساه فعل فإن نفع ذلك عائد إليه).
أقول : فعلى المسلم ألا يغفل عن القرآن (وَما يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) قال النسفي : أي : إلا وقت مشيئة الله ، أو إلا بمشيئة الله (هُوَ أَهْلُ التَّقْوى) أي : أهل لأن يتقى (وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ) أي : أهل لأن يغفر لمن اتقاه.
كلمة في السياق :
١ ـ بدأت السورة بقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ* قُمْ فَأَنْذِرْ) وختمت الفقرة الأولى بقوله تعالى : (وَما هِيَ إِلَّا ذِكْرى لِلْبَشَرِ) والذي نراه أن الضمير يعود على الآيات المذكورة في قوله تعالى : (إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً) ثم جاءت الفقرة الثانية ،