وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغى (٥٢) وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى (٥٣) فَغَشَّاها ما غَشَّى (٥٤) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمارى (٥٥) هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى (٥٦) أَزِفَتِ الْآزِفَةُ (٥٧) لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللهِ كاشِفَةٌ (٥٨) أَفَمِنْ هذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (٥٩) وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ (٦٠) وَأَنْتُمْ سامِدُونَ (٦١) فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا (٦٢))
التفسير :
(أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى) أي : أعرض عن الإيمان (وَأَعْطى قَلِيلاً وَأَكْدى) أي : قطع عطيته وأمسك ، قال عكرمة وسعيد : كمثل القوم إذا كانوا يحفرون بئرا فيجدون في أثناء الحفر صخرة تمنعهم من تمام العمل فيقولون أكدينا ويتركون العمل.
كلمة في السياق :
رأينا في أواخر المجموعة الثانية أن حكمة الله عزوجل تقتضي مجازاة المسىء ، ومكأفاة المحسن ، وقد رأينا تعريفا للمحسن هناك ، وتبتدىء هذه المجموعة بالكلام عن المسىء ، وقد ذكرت الآيتان اللتان مرتا معنا من المجموعة الثالثة أن من صفات المسىء : إعراضه عن الإيمان ، وإعطاءه القليل وإمساكه ، فهو بخيل في طريق الله ، وبعد أن عرضت علينا المجموعة الثالثة هاتين الصفتين للمسيئين تبدأ المجموعة فتناقش هذا النوع من الناس فلنر المناقشة :
(أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرى) قال ابن كثير : (أي أعند هذا الذي قد أمسك يده خشية الإنفاق ، وقطع معروفه ، أعنده علم الغيب أنه سينفد ما في يده حتى أمسك عن معروفه فهو يرى ذلك عيانا؟ أي ليس الأمر كذلك ، وإنما أمسك عن الصدقة