عن ابن عباس ، وبه يقول سعيد بن جبير ومجاهد وعبيد الله بن عمير وغيرهم ، وقال العلاء ابن بدر : إنما سمي البحر المسجور لأنه لا يشرب منه ماء ، ولا يسقى به زرع ، وكذلك البحار يوم القيامة ، كذا رواه عنه ابن أبي حاتم ، وعن سعيد بن جبير (وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ) يعني : المرسل ، وقال قتادة : المسجور المملوء ، واختاره ابن جرير ، ووجهه بأنه ليس موقدا اليوم فهو مملوء ، وقيل المراد به الفارغ).
أقول : قوله تعالى : (وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ) يفسره قوله تعالى في سورة التكوير (وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ) وكلام بعض المفسرين يدل على أن ذلك يكون قبيل نفخة الصعق ، وإنما ذكرت هذا لأن كلام ابن كثير هنا في قوله تعالى : (وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ) يوحي بأن هذا التسجير سيكون في الموقف ، فأردت أن أبين أن هذه القضية خلافية بين المفسرين ، ومن ثم فالقسم بالبحر المسجور إما أن يكون به حاليا إذ هو مملوء ماء ، أو بالبحر إذ تحدث له حالة قبيل يوم القيامة فيصبح نارا تتأجج.
٤ ـ بمناسبة قوله تعالى : (إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ) قال ابن كثير : (قال الحافظ أبو بكر بن أبي الدنيا : خرج عمر يعس المدينة ذات ليلة ، فمر بدار رجل من المسلمين فوافقه قائما يصلي ، فوقف يستمع قراءته فقرأ (وَالطُّورِ) حتى بلغ (إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ* ما لَهُ مِنْ دافِعٍ) قال : قسم ورب الكعبة حق ، فنزل عن حماره واستند إلى حائط ، فمكث مليا ثم رجع إلى منزله ، فمكث شهرا يعوده الناس لا يدرون ما مرضه رضي الله عنه ، وروى الإمام أبو عبيد في فضائل القرآن عن الحسن أن عمر قرأ (إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ* ما لَهُ مِنْ دافِعٍ) فربا لها ربوة أعيد منها عشرين يوما).
٥ ـ بمناسبة قوله تعالى : (فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ* الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ) قال صاحب الظلال : (وهذا الوصف ينطبق ابتداء على أولئك المشركين ومعتقداتهم المتهافتة ، وتصوراتهم المهلهلة ؛ وحياتهم القائمة على تلك المعتقدات وهذه التصورات التي وصفها القرآن وحكاها في مواضع كثيرة ، وهي لعب لا جد فيه ، لعب يخوضون فيه كما يخوض اللاعب في الماء ، غير قاصد إلى شاطىء أو هدف ، سوى الخوض واللعب!
ولكنه يصدق كذلك على كل من يعيش بتصور آخر غير التصور الإسلامي ... وهذه حقيقة لا يدركها الإنسان إلا حين يستعرض كل تصورات البشر المشهورة