الأمور فلتراجع في كتب الفروع. والفقهاء مجمعون على أن المطلقة طلاقا رجعيا تجب لها النفقة والسكنى ، ومختلفون في بعض صور الطلاق هل تجب فيها النفقة والسكنى للمرأة في العدة أو لا ، وقد رأينا أن مذهب الحنفية يوجب النفقة والسكنى لكل مطلقة لها عدة.
ولأحسن الطلاق ميزة هي أن المرأة تراجع نفسها والرجل يراجع نفسه خلال فترة العدة ، ولذلك يندب للمرأة أن تتشوف له وتتزين. والجواذب في هذه الحالة كثيرة إذ تمضي عليها فترة طويلة تشتاق بها إلى العشرة وهو كذلك ، فما لم يكن النفور له مبرراته الكبرى فلا بد أن يتراجعا ، لذلك علل الله عزوجل لعدم إخراجها من بيتها بقوله : (لا تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً).
٣ ـ بمناسبة قوله تعالى : (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) قال ابن كثير : (روى الإمام أحمد عن أبي ذر رضي الله عنه قال : جعل رسول الله صلىاللهعليهوسلم يتلو علي هذه الآية (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) حتى فرغ من الآية ثم قال : «يا أبا ذر لو أن الناس كلهم أخذوا بها كفتهم» قال : فجعل يتلوها ويرددها علي حتى نعست ثم قال : «يا أبا ذر كيف تصنع إذا أخرجت من المدينة؟» قلت : إلى السعة والدعة أنطلق فأكون حمامة من حمام مكة قال : «كيف تصنع إذا أخرجت من مكة؟» قال : قلت : إلى السعة والدعة إلى الشام والأرض المقدسة ، قال : «وكيف تصنع إذا أخرجت من الشام؟» قلت : إذا والذي بعثك بالحق أضع سيفي على عاتقي ، قال : «أو خير من ذلك» قلت : أو خير من ذلك؟ قال : «تسمع وتطيع ولو كان عبدا حبشيا».
وروى ابن أبي حاتم عن شتير بن شكل قال : سمعت عبد الله بن مسعود يقول : إن أجمع آية في القرآن (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ) وإن أكبر آية في القرآن فرجا (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) رواه ابن جرير ، وروي أيضا من طريق سالم بن أبي الجعد مرسلا نحوه. وروى الإمام أحمد عن عبد الله ابن أبي الجعد عن ثوبان قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه ، ولا يرد القدر إلا الدعاء ، ولا يزيد في العمر إلا البر» ورواه النسائي