أي : من أنفسهم ، وسمى العرب أميين لأنهم لم ينزل عليهم كتاب سابق. قال ابن كثير : (وتخصيص الأميين بالذكر لا ينفي من عداهم ولكن المنة عليهم أبلغ وأكثر) (يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ) أي : يقرأ عليهم القرآن (وَيُزَكِّيهِمْ) أي : ويطهرهم من لوثات الشرك وخبائث الجاهلية وسيئات الأخلاق (وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ) أي : القرآن والسنة ، وهذا يفيد أن تلاوة الآيات شىء وتعليمها شىء آخر ، وأن التزكية شىء زائد على مجرد التلاوة والتعلم ، فالرسول صلىاللهعليهوسلم يتلو ويعلم ويزكي ، فالتلاوة قراءة وعرض ، والتعليم معنى زائد يراد به تفهيم الكتاب والسنة ، والتزكية معنى زائد على كليهما (وَإِنْ كانُوا) أي : وإن كان هؤلاء العرب (مِنْ قَبْلُ) أي : من قبل محمد صلىاللهعليهوسلم (لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) أي : في كفر وجهالة ، قال النسفي : أي : كانوا في ضلال لا ترى ضلالا أعظم منه (وَآخَرِينَ مِنْهُمْ) أي : بعثه في آخرين من الأميين (لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ) قال النسفي : أي : لم يلحقوا بهم بعد ، وسيلحقون بهم ، وهم الذين بعد الصحابة رضي الله عنهم ، أو هم الذين يأتون من بعدهم إلى يوم الدين ، والمعنى : أن الله بعثه في الأميين الذين على عهده ، وفي الأميين الذين سيأتون من بعدهم ، وهذا يفيد أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم مبعوث إلى العرب إلى قيام الساعة ، وكما قال ابن كثير : وتخصيص الأميين بالذكر لا ينفي من عداهم ، ولكن المنة عليهم أبلغ وأكثر (وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) قال النسفي : أي : في تمكينه رجلا أميا من ذلك الأمر العظيم ، وتأييده له ، واختياره إياه من بين كافة البشر (ذلِكَ) قال ابن كثير : يعني : ما أعطاه الله محمدا صلىاللهعليهوسلم من النبوة العظيمة ، وما خص به أمته من بعثه عليه الصلاة والسلام إليهم ، وقال النسفي : (أي : الفضل الذي أعطاه محمدا وهو أن يكون نبي أبناء عهده ، ونبي أبناء العصور الغوابر) أقول : والعصور البواقي (فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ) إعطاءه وتقتضيه حكمته (وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) الذي عم فضله الجميع وفاضل بهذا الفضل من شاء بما شاء.
كلمة في السياق :
١ ـ التقديم للسورة بذكر أسماء الله عزوجل الملك القدوس العزيز الحكيم وأن يعقب ذلك الحديث عن بعثة رسول الله صلىاللهعليهوسلم للأميين يفيد أن اختصاص الله عزوجل رسوله محمدا صلىاللهعليهوسلم ، واختصاص العرب بهذا الفضل هو أثر مالكيته ، وأنه ليس في ذلك الاختيار نقص ، لأن الله عزوجل منزه عن النقائص فهو القدوس ، وأن ذلك أثر عزته