أو إذا أمر بالخروج فخرج أن يكون ذلك نقصا في حقه ، بل هو رفعة ورتبة عند الله والله تعالى لا يضيع ذلك بل يجزيه بها في الدنيا والآخرة فإن من تواضع لأمر الله رفع الله قدره ونشر ذكره) (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) أي : خبير بمن يستحق الرفعة والأجر والمكافأة ومن لا يستحقه.
كلمة في السياق :
وبعد أن أدب الله المسلمين هذا الأدب الرفيع الذي فيه هضم النفس في ذات الله ، وبعد أن علمهم كيف يكون محور حديثهم في مجالسهم ، تأتي الآن آيتان فيهما أدب مناجاة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وذلك في مقابل سوء أدب الكافرين والمنافقين مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ) أي : إذا أردتم مناجاته (فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً) أي : قبل نجواكم. قال ابن كثير : يقول تعالى آمرا عباده المؤمنين إذا أراد أحدهم أن يناجي رسول الله صلىاللهعليهوسلم أي : يساره فيما بينه وبينه أن يقدم بين يدي ذلك صدقة تطهره وتزكيه وتؤهله لأن يصلح لهذا المقام ولهذا قال تعالى : (ذلِكَ) أي : التقديم (خَيْرٌ لَكُمْ) في دينكم (وَأَطْهَرُ) من الذنوب لأن الصدقة طهرة (فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا) أي : ما تتصدقون به (فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) أي : في ترخيص المناجاة من غير صدقة ، فما أمر بها إلا من قدر عليها ، ثم قال تعالى : (أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ) أي : أخفتم تقديم الصدقات لما فيه من الإنفاق الذي تكرهونه. قال ابن كثير : أي : أخفتم من استمرار هذا الحكم عليكم من وجوب الصدقة قبل مناجاة الرسول (فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا) ما أمرتم به وشق عليكم (وَتابَ اللهُ عَلَيْكُمْ) أي : خفف عنكم وأزال عنكم المؤاخذة بترك تقديم الصدقة على المناجاة كما أزال المؤاخذة بالذنب عن التائب منه (فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ) فهذا الذي لا ينبغي التساهل فيه في كل حال. قال النسفي : أي : فلا تفرطوا في الصلاة والزكاة وسائر الطاعات (وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) قال النسفي : وهذا وعد ووعيد ، وبهذا انتهت الفقرة الثانية.