(وَالتَّقْوى) أي : بترك المعاصي ويحتمل أن يكون المراد بالبر الورع ، وبالتقوى الواجبات من صلاة وزكاة واتباع كتاب (وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) للحساب فيجازيكم بما تتناجون به من خير أو شر قال ابن كثير : أي : فيخبركم بجميع أعمالكم وأقوالكم التي قد أحصاها عليكم وسيجزيكم بها (إِنَّمَا النَّجْوى) بالإثم والعدوان ومعصية الرسول (مِنَ الشَّيْطانِ) أي : من تزيينه (لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا) أي : ليسوء الشيطان الذين آمنوا عند ما يرون أعداء الله يتآمرون عليهم ، ويتغامزون ، ويشيعون الإشاعات (وَلَيْسَ) ذلك (بِضارِّهِمْ) أي : بضار المؤمنين (شَيْئاً إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) أي : بعلمه وقضائه وقدره (وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) فإنه مولاهم فليطمئنوا إلى تدبيره بهم ولهم.
كلمة في السياق :
رأينا في ما مر معنا من الفقرة الثانية نهي الله ـ عزوجل ـ عن التناجي الظالم الفاسق ، وتأديب الله عزوجل عباده المؤمنين على التناجي العادل التقي ؛ ليقابلوا ذلك التناجي الشقي ، وفي هذا السياق يبين الله عزوجل للمسلمين أدبهم في مجالسهم التي يجتمعون فيها ، فاجتماع يقابل اجتماعا ، وتناج يقابل تناجيا ، وللفاسقين طرائقهم ، وللمسلمين آدابهم في كل.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ) أي : توسعوا فيها (فَافْسَحُوا) أي : فوسعوا لبعضكم بعضا (يَفْسَحِ اللهُ لَكُمْ) قال ابن كثير : (وذلك أن الجزاء من جنس العمل) وهذا الوعد من الله عزوجل بالإفساح لمن يفسح مطلق في كل ما يبتغي الناس الفسحة فيه ، من المكان والرزق والصدر والقبر وغير ذلك قاله النسفي (وَإِذا قِيلَ انْشُزُوا) أي : انهضوا من مجلسكم ليجلس غيركم إذا رأى الإمام ذلك لحكمة من الحكم (فَانْشُزُوا) أي : فانهضوا ، ويحتمل أن يكون المراد : وإذا قيل لكم انصرفوا فانصرفوا ، أو انهضوا لأمر من أمور الدين فانهضوا (يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ) بامتثال أوامره وأوامر رسوله ، وخاصة فيما فيه مكروه على النفس (وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ) أي : ويرفع العالمين منهم خاصة درجات. قال النسفي : وفي الدرجات قولان : أولهما في الدنيا في المرتبة والشرف ، والآخر في الآخرة. قال ابن كثير : (أي : لا تعتقدوا أنه إذا فسح أحد منكم لأخيه إذا أقبل ،