الأرض فتثلغ رأسه فيبقى جثة بلا رأس (فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ) كان العذاب والله شديدا والإنذارات صادقة (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ) أي : سهلناه ليتذكر الناس (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) أي : فهل من متذكر يتوب ، أو يثوب ، أو يتعظ ، أو يعرف فيعمل.
كلمة في السياق :
وهذه أمة أخرى لم تقبل إنذار رسول الله صلىاللهعليهوسلم إليها ؛ فعذبت بالرياح العاتية فاستؤصلت ، وقد ختمت قصتها كما ختمت القصة قبلها بقوله تعالى : (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) ومن هذا الختام نفهم أن هذا القرآن نذير ، وأن على الناس أن يتذكروا به ويتعظوا ، لا أن يعرضوا ويكذبوا ، وأنهم على شفا العذاب إن لم يفعلوا.
تفسير الفقرة الثالثة :
(كَذَّبَتْ ثَمُودُ) أي : قوم صالح (بِالنُّذُرِ) أي : بالمنذرين أو بالإنذارات (فَقالُوا) أي : قوم صالح عن صالح (أَبَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ) أي : أنتبع منا واحدا قال ابن كثير : (يقولون : لقد خبنا وخسرنا إن سلمنا كلنا قيادنا لواحد منا) (إِنَّا إِذاً) أي : إن اتبعنا واحدا منا (لَفِي ضَلالٍ) أي : خطأ وبعد عن الصواب (وَسُعُرٍ) أي : ونيران ، أو وجنون ، ثم تعجبوا من إلقاء الوحي عليه خاصة من دونهم فقالوا (أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا) أي : أأنزل عليه الوحي من بيننا ، وفينا من هو أحق منه بالاختيار للنبوة ، ثم رموه بالكذب فقالوا : (بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ) أي : بطر متكبر ، حمله بطره وطلبه التعظم علينا ادعاء ذلك ، قال ابن كثير في تفسير الأشر : (أي متجاوز في حد الكذب) قال الله عزوجل : (سَيَعْلَمُونَ غَداً) أي : عند نزول العذاب بهم ، أو يوم القيامة (مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ) أي : أصالح أم من كذبه (إِنَّا مُرْسِلُوا النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ) أي : امتحانا لهم وابتلاء ، أي : إنا باعثوها ومخرجوها من الهضبة كما سألوا ؛ اختبارا لهم (فَارْتَقِبْهُمْ) أي : فانتظرهم وتبصر ما هم صانعون (وَاصْطَبِرْ) أي : على أذاهم ولا تعجل حتى يأتيك أمري ، فإن العاقبة لك ، والنصر في الدنيا والآخرة ، قال ابن كثير : أخرج الله تعالى لهم ناقة عظيمة عشراء من صخرة صماء طبع ما سألوا ؛ لتكون حجة لله عليهم في تصديق صالح عليهالسلام