جمع دسار وهو المسمار (تَجْرِي) أي : السفينة (بِأَعْيُنِنا) قال النسفي : (أي بمرأى منا ، أو بحفظنا أو ... محفوظة منا) وقال ابن كثير : (أي بأمرنا وبمرأى منا وتحت حفظنا وكلاءتنا) (جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ) أي : فعلنا ذلك جزاء لنوح قال النسفي : جعله مكفورا لأن النبي نعمة من الله ورحمة ... فكان نوح نعمة مكفورة. وقال ابن كثير : (فعلنا ذلك جزاء لهم على كفرهم بالله وانتصارا لنوح) (وَلَقَدْ تَرَكْناها آيَةً) قال قتادة : أبقى الله سفينة نوح حتى أدركها أول هذه الأمة. أقول : وقد ذكرت إذاعة ـ سمعتها ـ أن الأقمار الصناعية التي تدور حول الأرض الآن قد صورت على جبل أرارات في الاتحاد السوفياتي ما هو مظنة أن يكون بقية سفينة نوح ، وذكرت الإذاعة أن عاملا من أرمينيا من قبل استطاع أن يصل إلى ذلك المكان ، ويأخذ صورا لبقايا السفينة ، بالتعاون مع آخرين ، إلا أن الحكومة السوفياتية طمست الموضوع ، وحين مراجعة هذه السطور ذكرت الإذاعات والصحف أن أحد رواد الفضاء يحاول محاولته الثانية للوصول إلى ما يعتبر مظنة بقية سفينة نوح على جبل أرارات ، فإذا صح هذا يكون ما فهمه قتادة هو المتعين أن تحمل عليه الآية ، ولم يطمئن لذلك ابن كثير : ومن ثم وجه الآية وجهة أخرى مضمونها : أن المراد بذلك جنس السفن ، أي ولقد تركنا جنس السفن آية تذكر كم بسفينة نوح (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) أي : فهل من يتذكر ويتعظ (فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ) أي : وإنذاراتي ، قال ابن كثير : أي كيف كان عذابي لمن كفر بي وكذب رسلي ، ولم يتعظ بما جاءت به نذري ، وكيف انتصرت لهم وأخذت لهم بالثأر (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ) قال ابن كثير : أي سهلناه للادكار والاتعاظ ، بأن شحناه بالمواعظ الشافية ، وصرفنا فيه من الوعد والوعيد (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) أي : فهل من متعظ يتعظ ، وقال ابن كثير : أي فهل من متذكر بهذا القرآن الذي قد يسر الله حفظه ومعناه؟ ، وقال محمد بن كعب القرظي : (أي فهل من منزجر عن المعاصي) وأخرج البخاري عن مطر الوراق قوله في تفسير الآية : (أي فهل من طالب علم فيعان عليه).
كلمة في السياق :
١ ـ ختم القصة بقوله تعالى : (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) يفيد أن تكذيب القرآن كتكذيب رسل الله صلوات الله وسلامه عليهم ، ويستحق المكذبون به ما استحق أولئك من العذاب ، يؤيد هذا المعنى مجىء قوله تعالى : (وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الْأَنْباءِ ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ* حِكْمَةٌ بالِغَةٌ فَما تُغْنِ النُّذُرُ) فإذا صح هذا الاتجاه