بِآياتِنا كُلِّها فَأَخَذْناهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ (٤٢))
التفسير
تفسير الفقرة الأولى :
(كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ) قال ابن كثير : (أي قبل قومك يا محمد) (قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنا) أي : نوحا عليهالسلام ، والملاحظ أن كلمة التكذيب وردت مرتين في الآية ، قال النسفي معللا لذلك : ومعنى تكرار التكذيب أنهم كذبوه تكذيبا على عقب تكذيب ، كلما مضى منهم قرن مكذب تبعه قرن مكذب ، أو كذبت قوم نوح الرسل ، فكذبوا عبدنا أي لما كانوا مكذبين بالرسل ، جاحدين للنبوة رأسا ، كذبوا نوحا عليهالسلام ، لأنه من جملة الرسل (وَقالُوا مَجْنُونٌ) لم يكتفوا أن صرحوا له بالتكذيب بل اتهموه بالجنون ، وزادوا على ذلك أن زجروه قال تعالى : (وَازْدُجِرَ) قال النسفي : (أي زجر عن أداء الرسالة بالشتم ، وهدد بالقتل) قال ابن كثير : (وقيل وازدجر أي انتهروه وزجروه وتوعدوه لئن لم تنته يا نوح لتكونن من المرجومين قاله ابن زيد وهذا متوجه حسن) ويحتمل أن يكون (وَازْدُجِرَ) تتمة لوصفهم إياه بالجنون ، أي قالوا : هو مجنون ، وقد ازدجرته الجن ، وتخبطته ، وذهبت بلبه وهو قول مجاهد ، والأول أولى (فَدَعا) نوح عليهالسلام (رَبَّهُ أَنِّي) أي : بأني (مَغْلُوبٌ) أي : غلبني قومي فلم يسمعوا مني ، واستحكم اليأس من إجابتهم لي (فَانْتَصِرْ) أي : فانتقم لي منهم بعذاب تبعثه عليهم. قال ابن كثير في الآية : (أي إني ضعيف عن هؤلاء وعن مقاومتهم فانتصر أنت لدينك) قال تعالى : (فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ) أي : منصب في كثرة وتتابع (وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً) أي : وجعلنا الأرض كلها كأنها عيون تتفجر قال ابن كثير : (أي نبعث جميع أرجاء الأرض حتى التنانير التي هي محال النيران نبعت عيونا) (فَالْتَقَى الْماءُ) أي : من السحاب والعيون المتفجرة من الأرض (عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ) أي : أمر مقدر ، أي على حال قدرها الله كيف شاء ، أو على أمر قد قدر في اللوح المحفوظ أنه يكون وهو هلاك قوم نوح بالطوفان (وَحَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ) أي : على سفينة ، والدسر :