٥٢ ـ (أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ ...) أولئك : إشارة لليهود الذين أخزاهم الله وأذلّهم (وَمَنْ يَلْعَنِ اللهُ) يخزيه ويطرده من رحمته (فَلَنْ تَجِدَ لَهُ
نَصِيراً) فإنه لا معين له يدفع عنه دنيا وآخرة.
٥٣ ـ (أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ ...) استفهام إنكاري أي : ليس لهم حظ من ملك الدنيا (فَإِذاً) أي ولو فرض أنهم أعطوا ملك الدنيا (لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً) النقير هو الخيط الرفيع الملتصق بظهر النواة. أي لا
يعطونهم شيئا زهيدا مهما بلغ في الحقارة دلالة على شحّهم وخساسة نفوسهم.
٥٤ ـ (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما
آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ ...) يعني : بل يحسدون الرسول وأهل بيته (ص) على ما تفضّل
سبحانه به عليهم من النبوة والإمامة (فَقَدْ آتَيْنا آلَ
إِبْراهِيمَ) أي أعطينا محمدا ، وأهل بيته ـ فهم آل إبراهيم ـ (الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ) أي النبوّة والعلم والولاية (وَآتَيْناهُمْ
مُلْكاً عَظِيماً) من افتراض طاعتهم على جميع الناس ، أو ملك يوسف وداود
وسليمان.
٥٥ ـ (فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ ،
وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ ...) أي فمن أهل الكتاب من صدّق بمحمد (ص) ومنهم من أعرض عنه
ولم يؤمن. (وَكَفى بِجَهَنَّمَ
سَعِيراً) يعني يكفي لهؤلاء
الكافرين عذاب جهنم نارا مضطرمة متأججة.
٥٦ ـ (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا
سَوْفَ نُصْلِيهِمْ ناراً ...) إن الذين كذّبوا أنبياءنا وجحدوا حججنا الواضحات سوف
نطرحهم في نار جهنم في الآخرة لن يموتوا فيها بل (كُلَّما نَضِجَتْ
جُلُودُهُمْ) أي احترقت (بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها) نجددها بأن تعود إلى الحالة التي كانت عليها (لِيَذُوقُوا الْعَذابَ) ليتطعّموا ألم العذاب من جديد (إِنَّ اللهَ كانَ عَزِيزاً حَكِيماً) مر معناه.
٥٧ ـ (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا
الصَّالِحاتِ ...) ذكرهم عزّ وعلا ليظهر الفرق بين هؤلاء وهؤلاء ، فقال
مستأنفا الكلام : والمصدّقون بالله ورسوله العاملون بما أمر والمنتهون عما نهى عنه
(سَنُدْخِلُهُمْ
جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً) مرّ شرحها (لَهُمْ فِيها
أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ) لهم نساء مطهّرات من كل دنس وقذارة (وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلاً) أي نجعلهم في ظل دائم لا حر فيه ولا برد كما هو شأن الظل
في الدنيا.
٥٨ ـ (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ
تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها ...) إن الله يأمركم أن تردوا كل أمانة إلى صاحبها سواء كانت لله
وهي أوامره ونواهيه وتأديتها بإطاعته فيها أو للناس وقد ائتمنوكم عليها. (وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ
تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) وهذا أمر موجه للأمراء والحكّام والقضاة ليحكموا بالقسط
بين الناس وليعاملوهم بالسوية (إِنَّ اللهَ نِعِمَّا
يَعِظُكُمْ بِهِ) وتقدير الكلام : نعم شيئا يعظكم الله تعالى به ، وهو العدل
وأداء الأمانة (إِنَّ اللهَ كانَ
سَمِيعاً) لما تقولون (بَصِيراً) بما تعملون.
٥٩ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ...) قرن الله سبحانه الأمر بإطاعة الرسول بالأمر بإطاعته
للتنبيه على أن أوامره (ص) ونواهيه ملزمة كتلك الواردة في كتاب الله. (وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) ثم قرن طاعته وطاعة رسوله أيضا بطاعة أولياء أوامره (ص)
ونواهيه ملزمة كتلك الواردة في كتاب الله. (وَأُولِي الْأَمْرِ
مِنْكُمْ) ثم قرن طاعته وطاعة رسوله أيضا بطاعة أولياء أمور الناس
الذين هم آل محمد أي الأئمة من أهل بيته صلوات الله عليهم أجمعين. (فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ) أي إذا اختلفتم في شيء من أمور الدين (فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ) يعني ارجعوا فيه إلى الكتاب والسنّة بسؤال من جعل القيّم
عليهما ، وهو رسول الله (ص) في حياته ، ثم عترته وأوصياؤه الحافظون لشريعته من
بعده. (إِنْ كُنْتُمْ
تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) إيمانا صحيحا. (ذلِكَ) يعني : ذلك الردّ إلى الله ورسوله وأولي الأمر (خَيْرٌ) من التنازع والاختلاف والقول بالرأي وبحسب الشهوات (وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) أي وأحمد عاقبة.