٤٨ ـ (فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ) أي لا تفيدهم شفاعة الأنبياء ، ولا الملائكة كما تنفع غيرهم من المؤمنين.
٤٩ ـ إلى آخر السورة ـ (فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ ...) أي فما بالهم قد انصرفوا عن القرآن الذي هو تذكرة وموعظة (كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ) أي كأنهم حمر وحشيّة نافرة (فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ) يعني هربت خوفا من الأسد. (بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً) أي يودّ كلّ واحد منهم أن تنزل عليه كتب من السماء باسمه تأمره بالإيمان بمحمد (ص). (كَلَّا) أي ليس الأمر كما قالوا (بَلْ) هم (لا يَخافُونَ الْآخِرَةَ) لا يخافون الآخرة لتكذيبهم بحدوثها (كَلَّا) هذه ليست ردعا بل معناها : حقّا (إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ) أي القرآن فإن فيه تذكيرا (فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ) أي فمن أراد اتّعظ به (وَما يَذْكُرُونَ) أي وما يتذكّرون (إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) يريد. والمعنى أنّ هؤلاء المعاندين من الكفّار لا يذكرون إلا إذا أجبرهم الله تعالى على ذلك ولن يفعل. (هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ) المتجاوز عن ذنوب المخطئين.
سورة القيامة
مكية ، عدد آياتها ٤٠ آية
١ ـ ٤ ـ (لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ ، وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ ...) معناه : أقسم بيوم القيامة وعظمة ما يجري فيه من مظاهر قدرة الله تعالى ، وأقسم بالنفس الكثيرة اللوم لصاحبها في ذلك اليوم (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ) أي هل الكافر بالبعث يظن بأننا لن نقدر على أن نعيده إلى ما كان عليه أولا خلقا جديدا بعد أن بليت عظامه وتوزعت اجزاؤه؟ (بَلى) أي : نعم (قادِرِينَ) نحن (عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ) نؤلّف بينها حتى تستوي ، وتعود كما كانت مع كونها من صغار العظام والقادر على جمع صغارها قادر بطريق أولى على جمع كبارها.
٥ ـ ١٥ ـ (بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ لِيَفْجُرَ أَمامَهُ ...) هذا إخبار من الله تبارك وتعالى عمّا في علمه من شأن الإنسان وهو أعلم بما خلق إذ يقول : إن الإنسان الكافر يريد أن يمضي قدما في المعاصي ، بحيث لا يقف عند حدّ ولا يتوب. (يَسْئَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ) أي متى تكون القيامة والحساب وسؤال في مقام الهزء والتكذيب؟ (فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ) أي شخص عند معاينة ملك الموت فهو لا يطرف من شدة الفزع (وَخَسَفَ الْقَمَرُ) ذهب نوره (وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ) جمع بينهما بذهاب الضوء وتمام الخسوف والكسوف حيث تلفّ الأرض ظلمة هائلة ، ف (يَقُولُ الْإِنْسانُ) المنكر ليوم البعث (يَوْمَئِذٍ) في ذلك اليوم : (أَيْنَ الْمَفَرُّ) أي إلى أين المهرب (كَلَّا لا وَزَرَ) أي لا مهرب تهربون إليه ، (إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ) أي المنتهى إلى حكم ربك. (يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ) يخبّر (بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ) بأول عمله وآخره فيجازى بحسبه. (بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ) ذلك أن جوارحه تشهد عليه بذلك فهو شاهد على نفسه من هذه الجهة. (وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ) يعني ولو اعتذر ودافع عن نفسه فإنه لا ينفعه ذلك.
١٦ ـ ١٩ ـ (لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ ...) الخطاب للنبيّ (ص) أي لا تحرّك لسانك بتلاوة القرآن حين الوحي به إليك ، ولا تتعجّل تلاوته قبل أن يقضى الوحي. (إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ) في قلبك حتى تحفظه (وَقُرْآنَهُ) وتأليفه بحسب نزوله عليك. (فَإِذا قَرَأْناهُ) أي قرأه جبرائيل عليك بأمر منّا (فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ) أي قراءته إذا فرغ منها. (ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ) أي إنا نبيّن لك معناه إذا حفظته لتبين ذلك بدورك للناس.