٥٢ و ٥٣ ـ (وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ ...) أي كما أوحينا إلى الأنبياء من قبلك هكذا نوحي إليك ونرسل (رُوحاً مِنْ أَمْرِنا) يعني الوحي بأمرنا وهو القرآن ففيه حياة القلوب والأرواح.
وقيل المقصود بالروح ملك أعظم من جبرئيل وميكائيل كان ملازما للنبي (ص). (ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا
الْإِيمانُ) أي ما كنت تعرف القرآن ولا الشرائع ومعالم الدّين قبل
الوحي (وَلكِنْ جَعَلْناهُ
نُوراً) أي القرآن أو الرّوح. (نَهْدِي بِهِ مَنْ
نَشاءُ مِنْ عِبادِنا) أي بالقرآن نرشد العباد من حيرة الضّلالة والغواية إلى
سبيل الهداية وطريق النجاة. (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي
إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) أي إنك بعد وحينا إليك وتعلّمك الكتاب والإيمان لتدعو
الناس إلى صراط عدل لا اعوجاج فيه ، وهو الإسلام (صِراطِ اللهِ الَّذِي
لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) ومعناها أن الصّراط المستقيم هو الطريق إلى الحق وإلى دين
الله مالك السموات والأرض خلقا وتدبيرا وتصرفا. (أَلا إِلَى اللهِ
تَصِيرُ الْأُمُورُ) أي إلى الله ترجع أمور الخلق يوم القيامة فيجازيهم على
أعمالهم.
سورة الزخرف
مكية ، عدد آياتها ٨٩ آية
١ إلى ٣ ـ (حم ، وَالْكِتابِ الْمُبِينِ ...) أي أقسم بالقرآن المظهر للحلال والحرام والمبيّن لما يحتاج
إليه الأنام من شرائع الإسلام (إِنَّا جَعَلْناهُ
قُرْآناً عَرَبِيًّا) أي أنزلناه قرآنا بلسان العرب (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) أي تتدبّرون لكي تفهموا معانيه وتعملوا به وتعلموا صدق من
جاء به.
٤ ـ (وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا) أي أن القرآن مثبت في اللّوح المحفوظ الذي هو عندنا (لَعَلِيٌ) أي لرفيع شأنه ، يعلو على سائر الكتب السّماوية المنزلة
على المرسلين ، ولما اختصّ به من كونه ناسخا لها ومعجزة لمحمد (ص) وغيره (حَكِيمٌ) أي محكم عن تطرّق النقص أو الزيادة ، أو معناه : ذو حكمة
بالغة.
٥ ـ (أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ
صَفْحاً ...) إلخ أفنمسك عنكم نزول القرآن إمساكا لأنكم قوم مسرفون في
الكفر وارتكاب المعاصي؟ والاستفهام إنكاريّ ، أي لا يصير كذلك.
٦ ـ (وَكَمْ أَرْسَلْنا مِنْ نَبِيٍّ فِي
الْأَوَّلِينَ ...) أي كثيرا من الأنبياء بعثناهم في الأزمنة الماضية لأممهم
لنقيم الحجة عليهم.
٧ و ٨ ـ (وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا
كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ ...) أي يسخرون منه كما سخر قومك بك فلم نضرب عنهم صفحا لأجل استهزائهم
بالرّسل بل كرّرنا الحجج وأعدنا الرّسل (فَأَهْلَكْنا أَشَدَّ
مِنْهُمْ بَطْشاً) أي أن من القوم المسرفين السابقين من كان أقوى من قومك
المسرفين فلم تمنعنا قوّتهم من تعذيبهم ، فكيف بالمسرفين من قومك ، فتعذيبهم أيسر
وأسهل (وَمَضى مَثَلُ
الْأَوَّلِينَ) أي سلفت في مواضع
عديدة في القرآن أخبارهم العجيبة من تكذيبهم لأنبيائهم وإهلاكنا لهم جزاء ذلك.
٩ ـ (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ
السَّماواتِ وَالْأَرْضَ ...) أي يا محمد لو سألت قومك من المبدع للسماوات والأرض ابتداء
(لَيَقُولُنَّ
خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ) أي لأقروا بأنه الله الغالب على جميع الأشياء والعالم
بمصالح الخلق.
١٠ ـ (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ
مَهْداً ...) أي موضعا ومستقرّا مبسوطا لكونكم مرتاحين فيه ، (وَجَعَلَ لَكُمْ فِيها سُبُلاً) أي طرقا وفجاجا (لَعَلَّكُمْ
تَهْتَدُونَ) أي لكي تهتدوا إلى مقاصدكم في أسفاركم ، أو إلى حكمة
الصّانع وقدرته.