٥٠ ـ (قالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ ...) قالوا هذا توبيخا وإلزاما (بِالْبَيِّناتِ) بالحجج والبراهين (قالُوا بَلى ، قالُوا فَادْعُوا) أي نحن لا نقدر أن ندعو ربكم ونشفع لكم عنده بعد أن أتمّ عليكم الحجة فأنتم ادعوه. فهذا جواب يأس لهم. (وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ) أي في ضياع وعدم التفات.
٥١ ـ (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا ...) إلخ أي ننصرهم بوجوه النصر الذي قد يكون بالحجة وقد يكون أيضا بالغلبة في الحرب ، وذلك بحسب ما تقتضيه المصلحة والحكمة الإلهيّة ، وقد يكون بالألطاف والتأييد وتقوية القلب ، وقد يكون بإهلاك العدوّ. (وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ) أي في يوم القيامة ، جمع شاهد وهم الملائكة والأنبياء والمؤمنون.
٥٢ ـ (يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ ...) أي عذرهم لو اعتذروا يوم القيامة لأنه باطل ، (وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ) البعد عن الرّحمة (وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) جهنّم.
٥٣ و ٥٤ ـ (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْهُدى ...) ما يهتدي به في الدّين من المعجزات والتوراة (وَأَوْرَثْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ هُدىً) أي أورثنا من بعد موسى لبني إسرائيل الكتاب ، أي التّوراة يعرفون بها معالم دينهم (وَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ) وتذكير لأصحاب العقول لأنهم الذين ينتفعون بها.
٥٥ ـ (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ ...) خطاب للنبي (ص) وأمر له بالصبر على أذى قومه وبشّره بما وعده من النصر في الدنيا وثواب في الآخرة. (وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ) وإن لم تكن مذنبا ، بل انقطاعا إلى الله سبحانه ، ولتستنّ بك الأمّة (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ) أي نزّه ربك متلبّسا بالثناء الجميل عليه دائما ، أو كناية عن الصلوات الخمس.
٥٦ ـ (إِنَّ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ ...) إلخ أي إن الكفار الذين يخاصمون في دفع حجج الله وإبطالها بلا حجة وردت عليهم منه سبحانه (إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ) أي ليس في قلوبهم إلا عظمة وتكبّر عن الحق والحقيقة (ما هُمْ بِبالِغِيهِ) فهم ليسوا بالغي مرادهم ومقصدهم (فَاسْتَعِذْ بِاللهِ) من شرورهم ومكائدهم (إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) مر معناه.
٥٧ ـ (لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ ...) أي أن خلقهما ابتداء كان من غير أصل ومادّة ، وإعادة الإنسان تكون من أصل ومادّة فالذي يقدر خلق شيء بلا مادّة هو على خلق ما له مادّة قادر بالأولى فلما ذا يذعنون لما هو أكبر وينكرون ما هو أهون وهو البعث؟ (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) لعدولهم عن التفكر والتدبر فوقعوا في حيرة الجهالة وهوة الضلالة.
٥٨ ـ (وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ ...) يعني الكافر الجاهل الغافل عن دلائل التوحيد لعدم التدبّر فيها ، لا يتساوى مع المؤمن العاقل العارف بالتوحيد عن طريق الأدلة والحجج الدالة عليه. (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَلَا الْمُسِيءُ) أي لا يكون المحسن العامل بالأعمال الصّالحة مساويا للمسيّء (قَلِيلاً ما تَتَذَكَّرُونَ) أي : تتذكّرون تذكّرا قليلا.