سورة سبأ
مكية ، عدد آياتها ٥٤ آية
١ ـ (الْحَمْدُ لِلَّهِ ...) أي قولوا : الحمد لله ، وهو تعريف لوجوب الشكر لله على نعمه وتعليم لكيفيته. (الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) أي يملك وحده التصرف بما فيهما من مخلوقات وكائنات ونعم (وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ) لأن النّعم ـ دنيويّة وأخرويّة ـ مختصة به سبحانه ، ولكنّ الآخرة خصّت تفضيلا لها على الدّنيا الزائلة. (وَهُوَ الْحَكِيمُ) في تدابيره (الْخَبِيرُ) بخلقه. وقد ختم الآية بالاسمين الكريمين للدلالة على أن تصرفه في نظام الدنيا ثم تعقيبه بنظام الآخرة مبني على الحكمة والخبرة ، فبحكمته عقّب الدنيا بالآخرة وإلا لغت الخلقة وبطلت ولم يتميز المحسن من المسيء ، وبخبرته يحشرهم فلا يغادر منهم أحدا ليجزي كل نفس بما كسبت.
٢ ـ (يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ ...) أي يعرف ما يدخل فيها مثل المطر والمحشرات والكنوز والأموات (وَما يَخْرُجُ مِنْها) من المياه والفلزّات والنباتات (وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ) كالأمطار والأرزاق والملائكة وغيرها. (وَما يَعْرُجُ فِيها) أي وما يصعد إليها مع الملائكة وأعمال العباد ودعواتهم وغيرها. (وَهُوَ الرَّحِيمُ) في إعطاء النّعم الشّفوق على العباد بإتمامها عليهم (الْغَفُورُ) للمقصّرين والمذنبين.
٣ و ٤ ـ (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ ...) إمّا إنكارا لمجيئها ، أو استبطاء واستهزاء بالوعد بها (قُلْ بَلى وَرَبِّي) أي قل يا محمد : نعم وحق الله خالقي (لَتَأْتِيَنَّكُمْ ، عالِمِ الْغَيْبِ) لتجيئنّكم القيامة وربي يعلم كل ما غاب علمه عن المخلوقين (لا يَعْزُبُ عَنْهُ) أي لا يغيب عنه (مِثْقالُ ذَرَّةٍ) أي زنة وأصغر جزء ممكن (فِي السَّماواتِ) إشارة إلى علمه بالأرواح (وَلا فِي الْأَرْضِ) إشارة إلى علمه بالأجسام ، (إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) أي اللوح المحفوظ (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا) إلخ أي إنما أثبت ذلك في اللوح المحفوظ ليكافئهم بما يستحقونه من الثواب على صالح أعمالهم. (أُولئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) أي في الجنّة. والرزق الكريم ما يأتي من غير طلب.
٥ ـ (وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا ...) أي عملوا لإبطالها (مُعاجِزِينَ) مسابقين لنا ظانّين أن يفوتونا (أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ) أي من سيّئ العذاب المؤلم.
٦ ـ (وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ...) أي أهل العلم من المسلمين أو من أهل الكتاب وهم الذين يعلمون أنّ القرآن الذي أنزل إليك (هُوَ الْحَقَ) لأنّهم يتدبّرونه ويتفكّرون فيه ، فيعلمون بالنظر والاستدلال أنه ليس من قبل البشر (وَيَهْدِي إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) ويعلمون كذلك أنّه يرشد إلى دين القادر الذي لا يغالب ، المحمود على جميع فعاله وهو الله تعالى.
٧ ـ (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا ...) أي كفرة قريش قال بعضهم لبعض استهزاء (هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلى رَجُلٍ) عنوا بذلك محمدا (ص) (يُنَبِّئُكُمْ إِذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) أي يزعم إنكم تبعثون بعد أن تتفرق أبدانكم وتتقطع أوصالكم وتصبحون ترابا.