٢٩ ـ (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُولِجُ اللَّيْلَ ...) أي يدخله (فِي النَّهارِ) بأن ينقص منه في أوقات الصيف ويزيد في النهار ، ويفعل عكس ذلك في الشتاء ، (وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ) أي ذلّلهما (كُلٌّ يَجْرِي إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) أي كلّ واحد من الشمس والقمر يجري في فلكه على نسق واحد لا يختلفان إلى مدة معينة أو إلى منتهى معلوم عنده. وهو (خَبِيرٌ) عالم بكنه ذلك وبما تعملون.
٣٠ ـ (ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ ...) إشارة إلى ما ذكر من سعة العلم وكمال القدرة وعجائب الصّنع واختصاصه تعالى بها ، فالله هو المستحق للعبادة وما يدعون (مِنْ دُونِهِ الْباطِلُ) الزائل الفاني و (هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) المرتفع على كل شيء والغالب عليه والقادر القاهر.
٣١ ـ (أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ ...) أي أن من آياته الدالة على قدرته الكاملة جري السّفن في البحار (بِنِعْمَتِ اللهِ) بفضله ورحمته عليكم (لِيُرِيَكُمْ مِنْ آياتِهِ) لتروا بعض أدلّته الدالة على تفرّده بالإلهية والقدرة والحكمة. (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ) أي في جري السّفن بالأرياح لعلائم (لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) لمن صبر على البلايا والمحن وعلى مشاق التكاليف وشكر نعم الله عليه.
٣٢ ـ (وَإِذا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ ...) أي علا راكبي البحر هيجان البحر كالظلل في ارتفاعه وتغطيته ما تحته كالجبل والسّحاب وغيرهما من المظلّات وذوات الظّل (دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) أي حين خافوا الغرق فأخلصوا في الدعاء لله في تلك الحال. (فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ) أي متوسّط في الكفر والإيمان. (وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ) أي وما يكفر بدلائلنا إلا كل غدّار خدّاع. (كَفُورٍ) يعني شديد الكفر.
٣٣ ـ (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ ...) أي تجنّبوا ما يسخطه واعملوا بأوامره ونواهيه (وَاخْشَوْا) خافوا (يَوْماً) هو يوم القيامة (لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ) أي لا يؤدّي الوالد عن الولد شيئا ، ولا يتحمّل عنه تبعة ذنب (وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئاً) والمولود لا يستفيد منه والده الرءوف في ذلك اليوم شيئا. (إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌ) أي وعده بالبعث والجزاء ثابت لا يتخلّف (فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا) أي لا يغرنّكم الامهال الذي كانت الحياة كناية عنه ، ولا يلهينّكم الآمال والأموال عن الإسلام والإيمان (وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ) أي لا يخدعنكم الشيطان فتنصرفوا عن الله سبحانه. وقيل : الغرور هو كل شيء غرّك حتى تعصي الله.
٣٤ ـ (إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ ...) أي هو يعلم وقت قيامها ولا يدري غيره (وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ) في زمانه المقدّر له والمحل المعيّن له (وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ) من ذكر أو أنثى ، قبيح أو جميل ، سخيّ أو بخيل وغير ذلك (وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً) أي قضى عليها بأن لا تعرف ما تعمل في المستقبل (وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ) يعني في أيّ مكان يكون موتها. وروى القميّ عن الصّادق (ع) أن هذه الأشياء الخمسة لم يطّلع عليها ملك مقرّب ولا نبيّ مرسل ، وهي من مختصات الله (إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) بهذه الأمور دون غيره خبير بها.