٢٥ ـ (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ...) أي بلا دعامة تدعمهما ولا علاقة تتعلّق بهما بل بأمره سبحانه لهما بالثبات والدوام كقوله تعالى : إنّما أمرنا لشيء إذا أردناه أن نقول له : كن فيكون. (ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ) المراد بالدّعوة دعوة إسرافيل بالنفخة الأخيرة للحضور في المحشر لثواب الأعمال أو عقابها. فإذا نفخ في الصور تخرجون من قبوركم بلا إبطاء.
٢٦ ـ (وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ...) أي هو المالك لكلّ من فيهما ولنفس السّماوات والأرض (كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ) منقادون له طوعا وكرها.
٢٧ ـ (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ...) إلخ. أي يخلقهم ابتداء ثم يرجعهم إلى الحياة بعد إعدامهم وإفنائهم (وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ) أي الإعادة أسهل عليه من الإبداء قياسا ، على أصولكم ، وإلّا فهما سواء عليه تعالى. (وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى) أي الصفات العليا التي لا يمكن أن يتصف بها غيره. كالوحدانية والألوهية وغيرهما. (فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي كل ما فيهما يصفونه تعالى بذلك الوصف الأعلى نطقا ودلالة (وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) مر معناه.
٢٨ ـ (ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ ...) أي منتزعا من أنفسكم التي هي أقرب شيء منكم حتى يثبت أنّه لا يكون لله تعالى شريك. ثم بيّن المثل فقال (هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) أي من مماليككم (مِنْ شُرَكاءَ فِي ما رَزَقْناكُمْ) أي في الأموال والأرزاق والأسباب (فَأَنْتُمْ فِيهِ سَواءٌ) أي هل أنتم وهؤلاء المماليك تتصرّفون فيها على السّويّة وبالمشاركة (تَخافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ) أي هل تخافون من عبيدكم أن يشاركوكم في أموالكم كما يخاف الحر شريكه الحر في المال يكون بينهما أن ينفرد فيه دونه وإذا لم ترضوا في عبيدكم أن يكونوا شركاءكم في أموالكم فكيف ترضون لربكم أن يكون له شركاء في العبادة مع أن الكل عبيده ومملوكون له؟ (كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ) أي كما فصّلناه وبيّنا لكم مسألة عدم جواز التشريك ، نفصّل الآيات والأدلة (لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) أي نبيّنها لأهل التدبّر والتعقّل.
٢٩ ـ (بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا ...) أي أشركوا بالله (أَهْواءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ) أي جاهلين ومن دون حجة أتتهم من ربهم (فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللهُ) أي من يقدر على هدايته بعد ذلك (وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ) أي يدفعون عنهم عذاب الله إذا نزل بساحتهم.
٣٠ ـ (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ ...) أي أقبل بقصدك أو بالعمل الخالص على الإسلام بالاهتمام به (حَنِيفاً) أي مائلا إليه مستقيما عليه (فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها) هذا يحتمل أن يكون بيانا للدّين الحنيف ، أي الزموا دين الله ، ودين الله هو دين الإسلام الذي يولد كلّ مولود عليه ويعبّر عنه بدين الفطرة. وقيل : الفطرة هي التوحيد. (لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ) أي ليس لأحد أن يبدّل أو يغيّر دين الله الذي أمر الخلق أن يتعبدوه به. (ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ) المستقيم المستوي الذي يجب اتباعه (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) فهم جهلة بهذا الدين واستقامته ولذلك فهم يعدلون عنه.
٣١ ـ (مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ...) منيبين حال من ضمير (أقم) باعتبار أن الأمة تدخل في مخاطبة النبيّ (ص) والمعنى : فأقيموا وجوهكم راجعين إليه مرة بعد أخرى. ويمكن أن يكون من (ناب) إذا انقطع ، أي منقطعين إليه عن كلّ ما سواه ، (وَاتَّقُوهُ) إلخ. تجنّبوا عصيانه والزموا طاعته ولا تكونوا من المشركين به في الألوهية والعبادة.
٣٢ ـ (مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ ...) بيان لما قبله من قوله من المشركين. وتفريق دينهم هو اختلافهم فيما يعبدونه على اختلاف أهوائهم (وَكانُوا شِيَعاً) أي فرقا مختلفة (كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) فأهل كلّ ملّة بما عندهم من الدّين مسرورون راضون.