٣٣ ـ (وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ ...) أي لا يأتيك المشركون بمثل يضربونه لك في مخاصمتك وقيل :
المثل : هو الوصف ، أي لا يأتونك بوصف فيك أو في غيرك حادوا فيه عن الحق أو أساؤا
تفسيره (إِلَّا جِئْناكَ
بِالْحَقِ) أي بالقرآن الذي يدحضه وعلى القول الآخر : إلا جئناك بما
هو الحق فيه أو ما هو أحسن الوجوه في تفسيره فإن ما أتوا به إما باطل محض فالحق
يدفعه ، أو حق محرّف عن موضعه فالتفسير الأحسن يردّه إلى مستواه ويقوّمه. (وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً) أحسن بيانا وكشفا ممّا أتوا به من المثل.
٣٤ ـ (الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلى وُجُوهِهِمْ
إِلى جَهَنَّمَ ...) إلخ. أي يسبحون على وجوههم إلى النار وهم كفار مكة وهم شر
منزلا واضلّ طريقا من المؤمنين.
٣٥ و ٣٦ ـ (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ ...) إلخ. أي التوراة. عرّف نبيّه محمدا بما نزل على من سبقه من
الأنبياء من أممهم من تكذيبهم إيّاهم ، إشارة إلى أنّه لست يا محمد بأوّل من أرسلت
فكذّبت ، وآتيناك الآيات فرددت ، فإن موسى قد آتيناه التوراة وقوّينا عضده بأخيه ،
ومع ذلك فقد ردّه قومه وكذّبوه فنصرناه وأهلكنا عدوّه فرعون إهلاكا.
٣٧ ـ (وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا
الرُّسُلَ ...) أي اذكر يا محمد قصة قوم نوح حين كذّبوا الرّسل أي نوحا
ومن قبله (أَغْرَقْناهُمْ) بالطوفان وجعلنا إهلاكهم (آيَةً) أي عبرة للناس (وَأَعْتَدْنا) هيّأنا لهم سوى ما حلّ بهم في الدّنيا (عَذاباً أَلِيماً) في الآخرة.
٣٨ ـ (وَعاداً وَثَمُودَ وَأَصْحابَ الرَّسِّ
...) وأهلكنا هؤلاء. والرسّ بئر ألقوا فيها نبيهم فسمّوا بها.
وكانوا ـ كما قيل ـ قوما بعد ثمود وكانوا نازلين على تلك البئر. (وَقُرُوناً بَيْنَ ذلِكَ كَثِيراً) أي أهلكنا أهل أعصار كثيرين بين نوح أو عاد وأصحاب الرس.
٣٩ ـ (وَكُلًّا ضَرَبْنا لَهُ الْأَمْثالَ ...) أي بيّنّا لهم القصص العجيبة فلم يعتبروا وأصرّوا على
تكذيبهم للأنبياء فأهلكوا (وَكُلًّا تَبَّرْنا
تَتْبِيراً) دمّرناهم تدميرا.
٤٠ ـ (وَلَقَدْ أَتَوْا ...) أي أن قريشا مرّوا مرارا في أسفارهم إلى الشام (عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ
مَطَرَ السَّوْءِ) عن الباقر (ع): هي سدوم قرية قوم لوط ، أمطر الله عليهم
حجارة من سجّل وقد مرّ ذكرها فيما سبق. (أَفَلَمْ يَكُونُوا
يَرَوْنَها) في مرورهم فيتّعظوا والاستفهام توبيخي ، إذ أنهم كانوا
يرونها بأعينهم. (بَلْ كانُوا لا
يَرْجُونَ نُشُوراً) أي أنهم لا يتوقعون بعثا ولا يترقّبون حسابا فلذلك لم
يعتبروا مع انهم رأوها.
٤١ ـ (وَإِذا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ ...) أي ما يتخذونك (إِلَّا هُزُواً) مهزوءا به قائلين : (أَهذَا الَّذِي
بَعَثَ اللهُ رَسُولاً) أي بعثه إلينا رسولا؟
٤٢ ـ (إِنْ كادَ لَيُضِلُّنا عَنْ آلِهَتِنا
...) أي أنّه أراد أن يصرفنا عن عبادة آلهتنا بدعوته أو قارب أن
يصرفنا عن آلهتنا مضلا لنا (لَوْ لا أَنْ
صَبَرْنا عَلَيْها) لو لا ثبوتنا عليها وتمسكنا بعبادتها (وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ
الْعَذابَ) الذي سيحل بهم في الآخرة (مَنْ أَضَلُّ
سَبِيلاً) أي أخطأ طريقا أهم أم أنت. وفي هذا توعد وتهديد منه سبحانه
لهم وتنبيه على أنهم في غفلة مما سيستقبلهم من معاينة العذاب واليقين حينئذ بالغي
والضلال.
٤٣ ـ (أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ
هَواهُ ...) أي أخبرنا عن الذي أطاع هواه في دينه. (أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً) فلست وكيلا عليه فدعه وشأنه ولا يضرّك ضلاله.